كيف كان الإمام المهدي (عج) يُعين السفراء في الغيبة الصغرى ؟

, منذ 10 شهر 506 مشاهدة

بعد أن كان الإمام منذ ولادته وحتى وفاة أبيه العسكري عليه السلام متردداً بين الغيب والشهود، متقلباً في رعاية الله، ومستودعاً في كنفه عز وجل، جاءت الغيبة الصغرى لتكون غيبة تمهيدية للغيبة الكبرى، وكما أخبر بهاتين الغيبتين الإمام علي ابن أبي طالب (عليه السلام) إذ قال: (وإن للقائم منا غيبتين احداهما أطول من الأخرى فلا يثبت على إمامته إلا من قوى يقينه وصحّت معرفته)(1) ، فابتدأت الغيبة الأولى وهي الصغرى منذ العام (260) إلى العام (329)، كانت الصلة فيها بين الإمام عليه السلام و الشيعة عبر النوّاب الأربعة الخاصين الذين عيّنهم الإمام (عليه السلام)، وهم :

(1) أبو عمرو عثمان بن سعيد الذي كان وكيلاً للإمام الحسن العسكري عليه السلام . وبعد وفاته أصبح نائباً للإمام الحجة (عجل الله فرجه).

(2) وبعد وفاته عام (266) نصب الإمام الحجة ابنه أبا جعفر محمد بن عثمان ليصبح نائباً للإمام خلال خمسين عاماً.

(3) أما النائب الذي استخلفه محمد بن عثمان فقد كان الحسين بن روح ومنذ عام (304) وعبر اثنين وعشرين عاماً كان مرجعاً عاماً للطائفة من قبل الإمام الحجة (عليه السلام) .

(4) وبعد أن لبى الحسين بن روح نداء ربه، عين الإمام أبا الحسن علي بن محمد السمري نائباً عنه، وبقي في منصبه ثلاث سنوات، ولما اقترب من أجله سُئل عمّن ينوبه فأخبر بانتهاء الغيبة الصغرى بوفاته.(2)

خلال هذه الفترة، كان الإمام (عليه السلام) في عالم الغيبة، فلا يظهر إلا لهؤلاء الأربعة ليشرف على أمور المسلمين ويوجههم الوجهة المرتضاة من الله تعالى.

وفي مشهد تاريخي يوضح بداية الغيبة الصغرى، يروي الفيلسوف الكبير والعالم الرباني أبو سهل النوبختي، وهو من خواص الإمام العسكري (عليه السلام) قوله: (طلب الإمام العسكري أن يؤتى له بولد حال مرضه، وقد كان المهدي آنذاك طفلاً . فجيء بالمهدي إلى أبيه، وأدّى السلام عليه، فنظرت إليه وإذا هو درّي اللون، وفي شعر رأسه قطط، مفلج الأسنان.

خاطبه الإمام الحسن (عليه السلام) بقوله: (يا سيد أهل بيته اسقني الماء فإني ذاهب إلى ربي) فأتى له بالماء، ثم قام الطفل بتوضئة أبيه، بعد ذلك قال له الإمام العسكري (عليه السلام):

(بنيّ، أنت المهديّ، وأنت حجّة الله على الأرض ..)(3)..

وفي المقابل جاء في الأثر (أن رهطاً من الشيعة ـ وكانوا أربعين نفراً ـ قد اجتمعوا يوماً عند الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، وطلبوا منه أن يريهم ويعرّفهم الحجة من بعده، ففعل الإمام ذلك، ورأى هؤلاء ولداً خرج عليهم، مثل فلقة القمر، وكالبدر ليلة تمامه.

فقال العسكري: (هذا إمامكم من بعدي، وخليفتي عليكم، أطيعوه، ولا تتفرقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم، ألا وأنكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتى يتم له عمر، فاقبلوا من عثمان (بن سعيد العمري)، ما يقوله وانتهوا إلى أمره ).(4)

وقد انتهت الغيبة الصغرى عند وفاة آخر نائب للإمام، لتبدأ مرحلة الغيبة الكبرى والتي يكون الإمام في عالم الغيب بشكل كلي، إلا أنه يظهر لبعض شيعته من الأولياء والمستحقين بصورة سريعة، فيتوارى خلف الغيب في رعاية الله تعالى، لأن (الغيب لله)، كما في قوله تعالى: (فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين)(5) ، وما كان لله فهو في حصنه وأمانه، يربيه ويرعاه ويحفظه.

هذا هو الإمام الذي ستكون نهاية الظالمين على يديه، يأتي ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً، لا بادعاءات، ذلك القسط والعدل كله بقيادة إمام معصوم، ورعاية إلهية له منذ الولادة وحتى الظهور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المهدي في السنة، آية الله السيد صادق الشيرازي، ص 66.

(2) الإمام المهدي قدوة وأسوة ـ آية الله السيد محمد تقي المدرسي.

(3) شمس المغرب، محمد رضا حكيمي، ص16.

(4) شمس المغرب، محمد رضا الحكيمي، ص14، عن (منتخب الأثر) للطف الله الصافي.

(5) سورة يونس ـ آية 20.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0912 Seconds