كيف يُدفع البلاء عن الشيعة ببركة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)

, منذ 16 ساعة 81 مشاهدة

مقدّمة

الإمام المهدي المنتظر (عجل الله فرجه الشريف) هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وقد غاب بأمر الله تعالى في غيبته الكبرى، وهو حيٌّ بإرادة الله يرعى شؤون أتباعه من وراء الستار.

ويعتقد الشيعة الإمامية أن بركات وجوده غير المرئي تمتد لتشمل الفرد والمجتمع، وتحفظ الأمة من البلاء والضياع. وفي هذا المقال نتناول كيف يدفع الله تعالى البلاء عن الشيعة ببركة الإمام المهدي (عج) رغم غيبته، مستندين إلى النصوص، والتحليل العقلي، وشهادات التأريخ.

أولًا: معنى "البركة" و"دفع البلاء"

البركة هي زيادة الخير واستمراره بنحو غير محسوس مباشر.

البلاء هو الامتحان أو المصيبة التي تقع على الفرد أو الجماعة.

عندما نقول إن البلاء يُدفع ببركة الإمام المهدي، فنحن نقصد أن وجوده، رغم غيابه، سبب في استتباب الأمن الروحي والاجتماعي، ومنع وقوع مصائب عظيمة، أو تقليل شدتها.

ثانيًا: وجود الإمام ضرورة كونية

ورد في الروايات أن الأرض لا تخلو من حجّة، كما في حديث الإمام الصادق (ع):

«لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة، لَسَاخَت بأهلها»

(الكافي، ج1، ص179)

هذا يشير إلى أن وجود الإمام هو بمثابة صِمَام أمان للكون، فهو واسطة فيض بين الله وعباده، وبه تحفظ الأرض ومن عليها.

ثالثًا: وجوه دفع البلاء ببركة الإمام المهدي (عج)

1. البلاء العام: الحروب والفتن والكوارث

في التاريخ، وقعت مواقف كان يمكن أن تؤدي إلى انهيار المجتمعات الشيعية، ولكنها نُجّيت بلطف غير ظاهر.

ورد عن الإمام المهدي (عج) في إحدى توقيعاته:

"وإنّا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم..."

(الاحتجاج للطبرسي، ج2)

هذا النص يظهر أن الإمام يرعى شؤون أتباعه، ويصرف عنهم الشرور والفتن، ولو لم يشعروا به مباشرة.

2. حفظ المذهب والهوية العقائدية

خلال القرون، تعرض الشيعة لحملات إبادة، ولكنهم نجوا وبقي فكرهم حيًّا، وهو ما يُفسَّر بوجود راعٍ غيبي يحفظ هذا الكيان، وهو الإمام (عج).

العلماء يعتقدون أن من بركات وجوده تهيئة الظروف لنمو المدارس العلمية، كحوزات النجف وقم.

3. إلهام القلوب وتثبيت النفوس

في لحظات الاضطراب، يشعر كثير من المؤمنين أن الطمأنينة تدخل قلوبهم بدون سبب ظاهر. هذه الطمأنينة تُنسب إلى رعاية الإمام الغيبية.

هناك مئات القصص لشخصيات شيعية أُلهِمت بفعل الخير، أو نُجّيت من البلاء، بدعاء غير ظاهر أو إحساس داخلي من التوجيه، يربطونه ببركة الإمام.

4. الدعاء والتوسل به

دعاء "الندبة" و"العهد" وغيرها تمثل أدوات روحية يتوسل بها الشيعة إلى الله عبر الإمام المهدي (عج).

يروى عن الإمام الؤضا (ع) أنه قال :

"إذا نزلت بكم شدة فاستعينوا بنا على الله، ونحن وسيلته إليكم"

(الاختصاص للشيخ المفيد : ٢٥٢)

والوسيلة لا تنقطع بغيبة الإمام، بل تتواصل بالدعاء له وباسمه.

رابعًا: نماذج تاريخية وشخصية

في الحروب، مثل فتنة التكفيريين في العراق وسوريا، شهد الشيعة حفظًا عجيبًا في أماكن مقدسة كمراقد الأئمة.

تُنقل روايات عن علماء كبار مثل الشيخ المفيد، والسيد بحر العلوم، بلقاءات بالرؤية أو في المنام مع الإمام المهدي، تضمّنت إرشادًا أو تحذيرًا من البلاء.

خامسًا: دور الانتظار في تقليل البلاء

المنتظر الحقيقي للإمام المهدي يُصلح نفسه ومجتمعه، ويمتنع عن الظلم، ويؤسس للعدالة.

هذا "السلوك المهدوي" هو في حد ذاته يدفع البلاء، لأن الله لا يعذب قومًا وهم مصلحون.

جاء في الحديث:

"أفضل أعمال أمّتي انتظار الفرج"

(الغيبة للنعماني، ص200)

سادسًا: دور الإمام في آخر الزمان

حين يظهر الإمام (عج)، يكون دوره المباشر هو رفع الظلم، ونشر الأمن، ورفع البلاء الكوني تمامًا.

لكن حتى الآن، فإن توقيت ظهوره محفوظ من الله، وما علينا إلا التهيؤ والدعاء.

خاتمة

إنّ الإمام المهدي (عج) ليس غائبًا عن قلوب المؤمنين، وإن غاب عن الأبصار، بل هو حاضر بحكم الله، يدفع البلاء، ويصلح، ويرعى، ويوجه. وواجب الشيعة اليوم هو تعزيز هذا الإيمان، والإكثار من الدعاء له، والتوسل به، وانتظار الفرج بروح الإصلاح، فبذلك يخفّف البلاء، وتزول الفتن، وتُحفَظ الأمة ببركة الإمام الغائب الحاضر.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0659 Seconds