كيف يرعى صاحب الزمان (عج) شيعته وهو غائب؟

, منذ 15 ساعة 111 مشاهدة

مقدمة

إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)، هو الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت عليهم السلام، وقد غاب عن الأنظار بأمر من الله عز وجل لحكمة يعلمها. ومع غيبته، فإن الشيعة يؤمنون بأنه ليس غائبًا عن دور الرعاية والهداية، بل له دور حي وفاعل في حياة الأمة، وإن كان غير ظاهر. فكيف يتم ذلك؟ وكيف يرعى الإمام الغائب شيعته؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال بالتفصيل.

أولًا: معنى الغيبة

الغيبة لا تعني الانقطاع التام أو العدم، بل تعني غياب الشخص عن الأنظار مع بقائه حيًا يمارس دوره بتكليف إلهي. وقد شبّهت الروايات الإمام المهدي (عج) بالشمس خلف السحاب:

«وأما وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبها عن الأبصار السحاب»

ثانيًا: صور رعاية الإمام في الغيبة

1. الرعاية الروحية

الإمام هو وسيلة الفيض الإلهي، فهو الواسطة بين الخالق والمخلوق، وبه تستمر الحياة الروحية والدينية للمؤمنين. ففي الأدعية نقرأ:

«بِكَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ، وَبِكَ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ» – (دعاء الندبة).

وجود الإمام هو أمان للأرض ومن عليها، وهو كما ورد في الحديث :

«لولا الحجة لساخت الأرض بأهلها».

2. الهداية والإلهام

في بعض الأحيان، يتلقى المؤمنون إلهامًا، أو توجيهًا خاصًا من دون إدراك المصدر. يعتقد البعض أن هذا من آثار الهداية الباطنية للإمام المهدي (عج). كما أن العلماء الذين يحملون فكر أهل البيت ويفتون وفق تعاليمهم هم أدوات بيد الإمام يرشد بهم الناس.

3. النيابة العامة

الرعاية عبر العلماء والفقهاء الذين يرجع إليهم الناس في أمور الدين والدنيا، هو مظهر من مظاهر رعاية الإمام. فالإمام في غيبته قد نصب الفقهاء العدول نوابًا عامين عنه في إدارة شؤون الأمة، وهذا ما أكدته التوقيعات الصادرة عنه، وأشهرها:

«وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم» – (توقيع إلى إسحاق بن يعقوب).

4. التدخلات الخفية

وردت في كتب السيرة والتاريخ الشيعي حوادث كثيرة يُعتقد أن الإمام تدخل فيها بشكل خفي لحماية أحد أوليائه أو إنقاذه من خطر، أو توجيه علمي أو عقائدي. منها ما ورد عن علماء كبار كالميرزا النوري، والشيخ المفيد، والشيخ الطوسي.

5. الدعاء والاستغفار للأمة

ورد في الروايات أن الإمام المهدي (عج) يدعو باستمرار للمؤمنين، ويستغفر لهم، ويهتم بأحوالهم. وهذا ما ورد في دعاء الإمام السجاد (ع):

«وابذل لنا نصحَه، ووفّقنا لطاعته، واجعلنا من أنصاره والمستشهدين بين يديه».

ثالثًا: دور المنتظرين في التفاعل مع رعاية الإمام

1. الدعاء له والدعاء به

ينبغي للمؤمن أن يكثر من الدعاء للإمام بالفرج، ومن الدعاء به في قضاء الحاجات. فالدعاء له هو تعبير عن التواصل الروحي مع الإمام، كما في دعاء العهد ودعاء الندبة.

2. التمسك بالعلماء الصالحين

الرجوع إلى الفقهاء هو أحد مظاهر الالتزام برعاية الإمام، فهم نوابه الذين يعتمد عليهم في زمن الغيبة.

3. الانتظار الإيجابي

المنتظر الحقيقي هو من يسعى لإصلاح نفسه ومجتمعه، ويهيئ الأرضية الأخلاقية والسياسية والعقائدية لظهور الإمام، وهو بذلك يشارك في مشروع الإمام وإن لم يره.

خاتمة

رعاية الإمام المهدي (عج) لشيعته في غيبته ليست أمرًا غيبيًا بحتًا، بل لها تجليات واقعية عبر الهداية، الدعاء، النيابة، والتدخلات الخفية. وهي رعاية ربانية متصلة بدور الإمامة الكبرى التي لا تنقطع حتى وإن غابت عن الأبصار. فالمؤمن المنتظر عليه أن يتفاعل مع هذه الرعاية بالشعور القلبي، والالتزام العملي، والعمل المستمر لبناء الأرضية المناسبة للظهور المبارك.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0682 Seconds