قال الإمام الصّادق (عليه السلام) : «للقائم غيبتان : إحداهما طويلة والاُخرى قصيرة فالأولى يعلم بمكانه فيها خاصّة شيعته ، والأخرى لا يعلم بمكانه فيها إلّا خاصّة مواليه في دينه» [١].
وخلال غيبته الصغرى حاول المعتمد العبّاسي العثور عليه وتصفيته، ولذلك لم يكن الإمام (عليه السلام) يظهر إلّا لنوّابه الخاصّين الّذين يلتقون معه (عليه السلام) بشكل خفيّ وسرّي للغاية ، ومن ثَمّ يلتقون بالشيعة فيوصلون رسائلهم ويعرضون مشاكلهم وحوائجهم للإمام (عليه السلام) ، فكان طابع هذه اللقاءات السرّية والحذر الشديدين وهكذا استمر الأمر خلال عمر الغيبة الصغرى عبر أربعة نوّاب.
النوّاب الأربعة
١ ـ النائب الأوّل : أبو عمرو عثمان بن سعيد العَمري الأسدي ، وكان هذا الرجل الصالح نائباً للإمام الهادي (عليه السلام) والإمام الحسن العسكري (عليه السلام) وأخيراً للإمام المهديّ (عليه السلام) ، وبدأت نيابته للإمام الحجّة عليه السلام من عام : (٢٦٠ هـ ) إلى عام : (٢٨٠ هـ ).
٢ ـ النائب الثاني : محمّد بن عثمان بن سعيد العمري ، وناول شرف النيابة بعد موت والده من عام : (٢٨٠) إلى عام : (٣٠٥ هـ ) ، وكان هذا الرجل الصالح قد مارس الوكالة للإمام الحسن العسكري (عليه السلام) من قبل ، فكانت نيابته للإمام المهديّ (عليه السلام).
٣ ـ النائب الثالث : أبو القاسم الحسين بن روح النوبختي ، بدأت نيابته من عام : (٣٠٥ هـ ) إلى عام : (٣٢٦ هـ ).
٤ـ النائب الرابع : أبو الحسن عليّ بن محمّد السمري ، شرّف بالنيابة من عام : (٣٢٦ هـ ) بعد وفاة الحسين بن روح واستمرّ إلى عام : (٣٢٩ هـ ) وتوفّي في النصف من شعبان من نفس العام (فكانت مدّة وكالته ٣١ شهراً فقط) ، وكانوا أربعتهم في بغداد وقبورهم في بغداد أيضاً ولهم مزارات معروفة ، وكان عمر الإمام المهديّ عليه السلام إلى نهاية الغيبة الصغرى (٧٤) عام [2].
الغيبة الكبرى
عن الإمام الجواد (عليه السلام) ـ في حديث ـ أنّه سئل عن القائم فقيل : لِمَ سمّي بالمنتظر؟ قال : « لأنّ له غيبة يكثر أيّامها ويطول أمدها فينتظر خروجه المخلصون وينكره المرتابون ، ويستهزئ بذكره الجاحدون ، ويكذب فيه الوقّاتون ، ويهلك فيها المستعجلون ، وينجو فيها المسلّمون» [3].
وكان الإمام المهديّ عليه السلام قد كتب كتاباً إلى نائبه الأخير أخبره فيه أنّه سيموت إلى ستّة أيام وأمره فيه بعدم الوصيّة إلى أحد من بعده لمقام النيابة فقد وقعت الغيبة الكبرى : « فلا ظهور إلّا بعد إذن اللّه تعالى ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلأ الأرض جوراً وسيأتي لشيعتي من يدّعي المشاهدة ، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذّاب مفتر ..
وأمّا الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة أحاديثنا فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه» [4].
المؤمنون المنتظرون
قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إنّ أعظم النّاس يقيناً قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبيّ وحجب عنهم الحجّة فآمنوا بسواد في بياض» [5] أي آمنوا بما وجدوه مسطوراً في الكتب بدءاً بتوحيد اللّه والإعتراف بصفاته الثبوتيّة وانتهاءً بالإيمان بالنبوّة فالولاية فالبعث والحساب ، أي آمنوا بأصول الدين وأركانه بواسطة الأخبار الصحيحة الّتي أخذوها عن أسلافهم يدلّ على ذلك قوله عليه السلام : «أفضل العبادة إنتظار الفرج» [6].
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[١] بحار الأنوار : ج ٥٢ ص ١٥٥ ح ١٠ ، ٥٣ : ص ٣٤٢.
[2] كتاب الغيبة للشيخ الطوسي : ص ٣٥٣ ص وما بعده.
[3] بحار الأنوار : ج ٥١ ص ٣٠ ، ح ٤.
[4] كمال الدين : ج ٢ ص ٥١٦ ، ح ٤٤ ، الغيبة للطوسي ص ٢٤٣ وفي ط : ص ٣٩٥.
[5] كمال الدين : ص ٢٨٨ ، باب (٢٥) ح ٨.
[6] كمال الدين : ص ٢٨٧ ، باب (٢٥) ح ٦.
المصدر: شريعت زاده الخراساني، الشيخ محمود، الحكومة العالميّة للإمام المهدي عليه السلام في القرآن والسنّة، ص19.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة