سؤال "لماذا يغيب الإمام المهدي وقت حاجة الناس إليه؟"

, منذ 3 ساعة 56 مشاهدة

فيما يلي بعض أبرز الأجوبة التي يقدمها العلماء والمفكرون الشيعة حول هذا الموضوع:

1. امتحان للناس وتمييز للقلوب

فالغيبة هي امتحان إلهي لتمييز المؤمنين الحقيقيين من غيرهم، كما ورد في بعض الروايات عن الأئمة:

"أما والله، ليغيبن إمامكم سنينًا من دهركم... حتى لا يثبت على القول به إلا من امتحن الله قلبه للإيمان."

(الكافي، الكليني)

2. الحفاظ على حياته

إن الإمام المهدي مكلّف بإقامة العدل الشامل، وهذا يتطلب وقتًا وظروفًا عالمية مناسبة. في حال ظهوره في زمن لا يسمح بذلك، فقد يتعرض للقتل أو العجز عن أداء دوره، كما حدث مع آبائه من الأئمة الذين قُتلوا أو حوصروا.

3. غيبة لا تعني انقطاعاً كاملاً

الغيبة لا تعني أن الإمام غير موجود أو غير فعّال، بل تعني أنه غير ظاهر علنًا للناس، لكنه – وفقًا للعقيدة الشيعية – يُرشد ويهدي ويوجّه من خلف الستار عند الحاجة، ولأشخاص مخصوصين.

4. تهيئة الظروف العالمية

ظهور الإمام المهدي مرتبط بتحقيق ظروف عالمية ناضجة، من حيث الاستعداد الإنساني لقبول قائد عادل شامل، والغيبة جزء من مرحلة التمهيد لهذه الظروف.

5. الإمام ليس رجل حلّ مشاكل فردية

يُخطئ من يظن أن دور الإمام هو حل مشكلات شخصية أو مادية فورية. دوره أعمق وأشمل: هو قائد مشروع إلهي لإصلاح البشرية كلها. الغيبة تسمح بنضج هذا المشروع تدريجيًا.

وعندما نلقي نظرة أوسع على القضية من خلال مقاربة عقلية وفلسفية، مع مقارنة بين الآراء الشيعية والآراء السنية أو العقلية العامة.

أولاً: المقاربة العقلية والفلسفية

1. الغيبة والقيادة: هل يعقل أن يختفي القائد وقت الحاجة؟

من منظور عقلاني، قد يُطرح الاعتراض:

"إذا كان الإمام المهدي قائدًا مكلّفًا من الله لإصلاح العالم، فلماذا يغيب عن الناس في أحلك الظروف؟"

الجواب الشيعي الفلسفي:

الغيبة لا تعني "الغياب التام"، بل تعني عدم الظهور العلني. يشبه ذلك وجود قائد سري يعمل في الخفاء لحماية المشروع الكبير من الأعداء حتى تحين ساعة الصفر.

ففي بعض الظروف، يكون بقاء القائد خفياً أكثر نفعًا من ظهوره إن كان الظهور سيؤدي إلى إفشال المشروع أو قتله.

مثال:

لو كان عندك خبير استراتيجي في وقت حرب لا يجب أن يُكشف، فإخفاؤه يُعدّ ذكاءً لا تقصيراً.

2. لماذا لا يُصلح الله العالم من دونه؟

قد يُطرح سؤال آخر:

"لماذا يحتاج الله إلى إمام غائب ليُصلح العالم؟ لماذا لا يغيّر كل شيء مباشرة؟"

الجواب الفلسفي:

إن الله لا يُجبر البشر على الخير، بل يهيئ لهم الوسائل والعقول والقادة.

والإمام المهدي (عجل الله فرجه) هو واسطة بين السماء والأرض، ووجوده من باب النظام الإلهي الذي يجمع بين الغيب والاختيار البشري.

ثانيًا: المقارنة مع الرأي السني

1. المذهب السني لا يقرّ بغيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه)

غالبية علماء أهل السنة لا يؤمنون بأن المهدي موجود الآن، حيث يرون أن المهدي سيولد في المستقبل ويظهر في وقت الحاجة، وليس أنه وُلد وغاب.

لذلك، هم لا يواجهون إشكالية "غيبة المهدي وقت الحاجة" لأنهم لا يعتقدون بوجوده أصلاً.

نقدهم للمذهب الشيعي:

يعتبرون أن القول بوجود إمام غائب لأكثر من 1200 سنة غير مدعوم بأدلة قطعية من القرآن أو السنة المتواترة.

ويقولون: "ما الفائدة من إمام لا يُرى ولا يُتّصل به؟"

2. الرد الشيعي على النقد السني

الشيعة يقولون: عدم رؤيته لا يعني عدم فائدته، كما أن الناس لا يرون الملائكة أو اللوح المحفوظ، لكنهم يؤمنون بوجودها.

الإمام المهدي يُشبّه بالشمس خلف السحاب: ينتفع الناس بها وإن لم يروها.

خلاصة متوازنة

وجود الإمام الغائب في الفكر الشيعي ليس غياباً عبثياً، بل جزء من خطة إلهية تربوية وتاريخية.

من ينظر إلى العالم بعين الفلسفة يرى أن التحولات العظمى لا تحصل فجأة، بل عبر تراكمات وتربية وتصفية للأمم.

الإمام الغائب، في هذه الرؤية، هو عنصر من عناصر هذا التحول الكبير.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0703 Seconds