كيف ينصب الإمام المهدي قادة جيشه وولاة البلدان عند تشكيل حكومته

, منذ 16 ساعة 82 مشاهدة

إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) هو الإمام الثاني عشر عند الشيعة الاثني عشرية، وهو القائد الإلهي الذي سيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا.

ومن المهام المركزية في حركته تأسيس حكومة عالمية عادلة، قائمة على القيم الإلهية. وفي هذا السياق، يبرز سؤال مهم: كيف يختار الإمام المهدي القادة العسكريين والسياسيين؟ وكيف يُعيّن وُلاة الأقاليم والدول؟

ولأجل هذا التساؤل نطرح الهيكلية العامة للدولة الإلهية المرتقبة مع تصور مفاصل تلك الدولة :

أولًا: الهيكل العام لحكومة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)

وفقًا للروايات، حكومة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) تقوم على:

مركزية القيادة في الكوفة: فالكوفة ستكون عاصمة الدولة المهدوية، ومنها تصدر الأوامر والتشريعات.

إدارة عالمية موحدة: لن تقتصر الدولة على رقعة جغرافية معينة، بل تشمل العالم كلّه.

قيادة روحانية وعادلة: تعتمد على التقوى، الإخلاص، والكفاءة، وليس على المصالح أو الانتماءات.

ثانيًا: مصادر اختيار القيادات

إن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) لا يختار ولاته وقادة جيشه اختيارًا عشوائيًا، بل وفق معايير إلهية دقيقة، منها:

١. الاختيار الإلهي والعلم اللدني

فالإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) يملك علمًا لدنيًا إلهاميًا يطلعه على بواطن الناس، وهو قادر على تمييز:

الصادق من المنافق والكفوء من الضعيف والنزيه من الطامع.

ورد في الرواية عن الإمام الباقر (ع): " قال: إذا قام قائم أهل البيت قسم بالسوية وعدل في الرعية، فمن أطاعه فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصى الله، وإنما سمي المهدي لأنه يهدي إلى أمر خفي.

بحار الأنوار ج ٥٢ - ص ٣٥١

٢. رجوعه إلى أصحاب العلم والفضيلة

من جملة أعوانه ٣١٣ نقيًا مختارًا، هم نخبة المؤمنين عبر العصور، يُنصَّبون في مناصب حساسة، ويمتلكون من الحكمة والحنكة ما يؤهلهم لإدارة البلاد.

٣. المعايير الشرعية

الإمام يُقدّم من يحمل هذه المؤهلات :

العدالة الشخصية

العلم الشرعي

الإخلاص للعقيدة

القدرة على إدارة شؤون الناس

ثالثًا: أصناف القادة الذين يعيّنهم الإمام

١. قادة الجيش

الإمام يعتمد في جيشه على:

الـ٣١٣ قائدًا مركزيًا: هؤلاء هم القادة النخبة، الذين يشبهون قادة النبي محمد ﷺ في بدر.

الأنصار المؤمنين من بقية العالم: رجال ونساء يُنصرونه من الشرق والغرب.

رجال من غير العرب: هناك إشارات إلى مساهمة واسعة من غير العرب في نصرته.

٢. الولاة والمحافظون

يُقسّم العالم إلى مناطق إدارية.

يُعيّن لكل منطقة والٍ من أهل الصلاح.

تتم المتابعة الدقيقة لأداء كل والٍ، ويُعزل من يُخالف المبادئ.

٣. القضاة والمسؤولون عن بيت المال

يتم اختيارهم من أهل الورع والعلم.

القضاء يكون وفق شريعة محمد وآل محمد، بعيدًا عن القوانين الوضعية.

رابعًا: آليات الإدارة والمتابعة

التواصل المباشر والسريع: ورد أن الإمام يستخدم وسائل لا يعلمها الناس (علم الإمام، وسائل غيبية).

الرقابة الصارمة: لا يُترك والي أو قائد دون محاسبة.

محورية القرآن والسنة: الحكم يُدار وفق القرآن وتفسيره الصحيح الموروث من أهل البيت.

خامسًا: أمثلة روائية عن التنصيب

عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال: إذا قام القائم دعا الناس إلى الإسلام جديدا، وهداهم إلى أمر قد دثر، وضل عنه الجمهور وإنما سمي القائم مهديا لأنه يهدي إلى أمر مضلول عنه، وسمي القائم لقيامه بالحق. عن الإمام الصادق (ع): "كأنّي أنظر إلى القائم وقد أسند ظهره إلى الحجر، ثمّ قال: يا أيها الناس، نحن والله أولى الناس بكم..."

مكيال المكارم - ج ١ ص ٥٧

خاتمة

إنّ حكومة الإمام المهدي ليست فقط ثورة على الظلم، بل أيضًا نموذجٌ إداري إلهي في اختيار القادة وتنظيم الدولة. يعيد الإمام (عج) بناء العالم على أساس الحق والعدل، ويُقيم جهازًا إداريًا قائمًا على الكفاءة والتقوى. ولعلّ هذا ما يجعل دولته النموذج الأعلى للحكم في التاريخ البشري.

 

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0612 Seconds