كيف كان الشيعة يعرفون خط كتابة الإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 3 شهر 211 مشاهدة

من الشبهات التي تُلقى في هذه الأيّام فيما يرجع إلى توقيعات الإمام (عجَّل الله فرجه) أنَّه لا يوجد شخص اطَّلع على خطِّ الإمام (عجَّل الله فرجه) ليعرف أنَّها خرجت منه، فقد تكون تلك رسائل من غيره وتُنسَب إليه.

وما أعجب مثل هذه التُّرَّهات، خصوصاً من منتسب إلى مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)، ولنبدأ أوَّلاً بالروايات التي دلَّت على أنَّ خطَّه (عجَّل الله فرجه) كان معروفاً.

قال الطوسي (رحمه الله) في (الغيبة): وأخبرني جماعة، عن هارون بن موسى، عن محمّد بن همّام، قال: قال لي عبد الله بن جعفر الحميري: لمَّا مضى أبو عمرو (رضي الله تعالى عنه) أتتنا الكُتُب بالخطِّ الذي كنّا نكاتب به بإقامة أبي جعفر (رضي الله عنه) مقامه (1).

وقال (رحمه الله) أيضاً: وأخبرنا جماعة، عن أبي القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه وأبي غالب الزراري وأبي محمّد التلعكبري كلُّهم، عن محمّد بن يعقوب، عن إسحاق بن يعقوب، قال: سألت محمّد بن عثمان العمري (رحمه الله) أنْ يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ. فوقع التوقيع بخطِّ مولانا صاحب الدار (عليه السلام): «... وأمَّا محمّد بن عثمان العمري فرضي الله تعالى عنه وعن أبيه من قبل، فإنَّه ثقتي وكتابه كتابي»(2).

وظاهر الرواية أنَّ إسحاق بن يعقوب كان يعرف خطَّ الإمام (عجَّل الله فرجه)، كما أنَّ جهالة الجماعة الذين رووا عن جعفر بن محمّد بن قولويه قد لا تمنع من الاستناد إلى هذه الرواية، وذلك:

أوَّلاً: لأنَّهم جماعة، فيقوى بحساب الاحتمال صدق أحدهم.

وثانياً: رووا عن ثلاثة، وظاهر السند أنَّ الجماعة كلُّهم رووا عن الثلاثة، ويبعد أنْ يكذب الجميع من خلال نسبة الخبر إلى الثلاثة كلِّهم.

وثالثاً: أنَّ مضمون الرواية قد ورد في روايات معتبرة، ومن البعيد أنْ يتَّفق الثلاثة على الكذب في خصوص كلمة (بخطِّ مولانا)، ولا أثر كبيراً يترتَّب على ذلك - أي على قولهم: مولانا - ليقال: إنَّ هناك ما دعا الجميع إلى إضافة هذه الكلمة عند وضعهم للرواية على فرض ذلك؛ إذ كأنَّه قال: فخرج التوقيع؛ إذ كان الأتباع يفهمون أنَّ المراد خطَّ الإمام (عجَّل الله فرجه).

وإسحاق بن يعقوب قد روى الكشّي توقيعاً يتضمَّن مدحه (3).

وقال الطوسي (رحمه الله): وذكر أبو نصر هبة الله [بن] محمّد بن أحمد أنَّ أبا جعفر العمري (رحمه الله) مات في سنة أربع وثلاثمائة، وأنَّه كان يتولّى هذا الأمر نحواً من خمسين سنة يحمل الناس إليه أموالهم، ويُخرج إليهم التوقيعات بالخطِّ الذي كان يخرج في حياة الحسن (عليه السلام) إليهم بالمهمّات في أمر الدِّين والدنيا وفيما يسألونه من المسائل بالأجوبة العجيبة (رضي الله عنه وأرضاه)(4).

وأبو نصر وإنْ لم يُنَص على توثيقه لكن ذكر النجاشي أنَّه رأى أبا العبّاس ابن نوح قد عوَّل عليه في كتابه (أخبار الوكلاء)، وكان هذا الرجل كثير الزيارات كما مرَّ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الغيبة للطوسي (ص ٣٦٢/ الرقم ٣٢٤).

(2) الغيبة للطوسي (ص ٣٦٢/ ح ٣٢٦).

(3) راجع: معجم رجال الحديث (ج ٣/ص ٢٣٦ و٢٣٧/الرقم ١٢٠١)، وليس فيه ذكر للتوقيع.

(4) الغيبة للطوسي (ص ٣٦٦/ ح ٣٣٤).

المصدر : إرساء المحكمات وتبديد الشبهات في القضية المهدوية ـ تأليف : الشيخ كاظم القره غولي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.2390 Seconds