قد يُثار هذا التساؤل وهو : كيفَ يقولُ الشّيعةُ أنّهُ عندَ ظهورِ الإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه) فإنه سيحكمُ الأرضَ وبعد ذلك يأتي يومُ القيامةِ ؟ والحالُ أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قالَ : {هل ينظرونَ إلّا السّاعةَ أن تأتيهم بغتةً وهُم لا يشعرون} أي فجأةً.
فالظاهر من مجيئ يوم القيامة بشكل مفاجئ عدم معرفة مقدماته، فكيف نجزم بظهور وحكم المهدي (عج) قبل ذلك اليوم ؟
والجواب : لا يوجد تنافي بينَ الأمرينِ، فإنّ اللهَ تعالى جعلَ قيامَ السّاعةِ بغتةً بعدَ تحقّقِ أشراطِها، قالَ تعالى: { فَهَل يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَن تَأتِيَهُم بَغتَةً فَقَد جَاءَ أَشرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُم إِذَا جَاءَتهُم ذِكرَاهُم } [محمّد 18] .
فقيامُ السّاعةِ بغتةً حقٌّ لا شكَّ فيهِ، وكونُ السّاعةِ لها أشراطٌ أيضاً حقٌّ لا مِريَة فيهِ، كما نصّت الآيةُ الكريمةُ عليها، فالسّاعةُ لا تقومُ إلّا بعدَ تحقّقِ أشراطِها.
ومنَ المعلومِ أنّ أشراطَ السّاعةِ كثيرةٌ، منها: خروجُ الدّجّالِ، ومنها: خروجُ الإمامِ المهدي المُنتظر (عليه السّلام)، ومنها: نزولُ عيسى منَ السّماءِ، ومنها: خروجُ يأجوجَ ومأجوج، ومنها: طلوعُ الشّمسِ منَ المغرب، ومنها: خروجُ دابّةِ الأرضِ، وغيرها منَ العلاماتِ التي أجمعَ المُسلمونَ عليها، وذكروها في كتبِ أشراطِ السّاعة.
فهذا السّؤالُ غيرُ مُختصٍّ بظهورِ المهديّ (عج) وحكومتِه، وخروجُ المهدي (ع) غيرُ مُختصٍّ بالشّيعةِ، إذ هوَ عامٌّ يشملُ جميعَ أشراطِ السّاعةِ التي نصَّ عليها القرآنُ الكريم، فيقالُ: كيفَ يقولُ المسلمونَ بأنّ السّاعةَ لا تقومُ إلّا بعدَ خروجِ الدّجّالِ والإمامِ المهدي ونزولِ عيسى و...
إذن: فالسّاعةُ لا تقومُ بغتةً إلّا بعدَ تحقّقِ أشراطِها، ومِن أشراطِها خروجُ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه)، فبعدَ خروجِ المهدي (ع) وحكومتِه، ورجعةِ الأئمّةِ (ع)، وتحقّقِ أشراطِ السّاعةِ، تقومُ السّاعةُ بغتةً.
فلا تنافي بينَ القولِ بضرورةِ خروجِ المهدي (ع)، وكونِ السّاعةِ تقومُ بغتةً، لأنّ خروجَ المهدي (ع) مِن أشراطِ السّاعة.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة