كيف يتجمع أنصار الإمام المهدي في مكة ؟

, منذ 2 ساعة 32 مشاهدة

تُعدّ مكة المكرمة مركزًا روحيًا للعالم الإسلامي، ومهدًا لانبعاث الرسالة الإلهية منذ عهد النبي ﷺ. وليس من المصادفة أن تكون هذه البقعة الطاهرة هي موضع الظهور المبارك للإمام المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف)، كما ورد في الروايات المتواترة عند الفريقين، لأن مكة هي موضع الطهارة، ومجمع التوحيد، ومنطلق النور الإلهي في آخر الزمان كما كانت في أوله.

التمهيد الإلهي قبل الظهور

قبل أن يجتمع أنصار الإمام المهدي في مكة، تمر الأمة بمرحلة تمحيص وتمييز، تُفرز فيها الصفوف، ويُختبر فيها الإيمان الحقيقي. تسبق الظهور فتن واضطرابات، وتكثر فيها الدعوات الباطلة، ويشتد الظلم حتى يظن الناس أن لا مخرج لهم، فيتهيأ الجو الإنساني والنفسي لاستقبال المصلح الموعود.

وفي تلك الفترة، يتناثر أنصار الحق في بقاع الأرض، كلٌّ منهم يسير بدافع الإيمان والحنين إلى الوعد الإلهي، حتى يجتمعوا على غير ميعاد في بيت الله الحرام.

الموعد الإلهي في مكة

تصف الروايات أن البيعة للإمام المهدي ستكون في مكة المكرمة بين الركن والمقام، في الليلة العاشرة من شهر محرم، بعد أن يظهر عليه السلام في المسجد الحرام ويعرّف نفسه بآيات واضحة وحجج قاطعة، فيبايعه ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، هم خاصته وأصحاب رايته الأولى، الذين يمثلون خلاصة الإيمان واليقين عبر العصور.

هؤلاء الأنصار لم يجتمعوا صدفة، بل جمعهم الله تعالى بمعجزةٍ روحية وكونية، كما في الروايات:

"يُبايع له بين الركن والمقام ثلاثمئة وثلاثة عشر رجلاً، يجتمعون إليه كما يجتمع قزع الخريف."

أي كما تتجمع قطع السحاب المتفرقة في وقت قصير، دلالة على أن اجتماعهم سيكون مفاجئًا وسريعًا بأمرٍ إلهي.

هوية الأنصار وصفاتهم

أنصار الإمام المهدي ليسوا مجرد أتباع، بل نخبة من المؤمنين الواعين الذين جمعوا بين البصيرة والشجاعة والطهارة الداخلية.

تصفهم الرواية بأنهم:

 

" "رجالٌ كأن قلوبهم زبر الحديد، لا يشوبها شك في ذات الله، أشدُّ من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها.. يتمسحون بسرج الإمام (عليه السلام) يطلبون بذلك البركة، ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب.. لا ينامون الليل، لهم دويّ في صلاتهم كدويّ النحل، يبيتون قياماً على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان بالليل، ليوث بالنهار، هم أطوع له من الأمَّة لسيدها، كالمصابيح كأن قلوبهم القناديل، وهم من خشية الله مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنون أن يُقتَلوا في سبيل الله، شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرعب أمامهم مسيرة شهر.."

هم حملة راية العدل، الممهدون لبسط القسط على الأرض، يجتمعون من الشرق والغرب، من العرب والعجم، من المدن والبوادي، حتى كأنهم جسد واحد ينبض بروح واحدة.

البعد الغيبي في التجمع

يتمّ هذا التجمع بإرادة إلهية خارقة للعادة، إذ تذكر الروايات أن الله يجمعهم في لحظة واحدة من أقصى بقاع الأرض، دون اتصال أو تخطيط بشري، فينقلهم إلى مكة عبر معجزة تُظهر أن زمن الأسباب قد وصل إلى ذروته، وأن العناية الإلهية بدأت تُعلن تدخلها المباشر في مجريات التاريخ.

وفي تلك اللحظة، يدرك العالم أن عهدًا جديدًا قد بدأ، وأن صوت السماء عاد يصدح في الأرض.

البيعة بين الركن والمقام

في فجر تلك الليلة الموعودة، يقف الإمام بين الركن والمقام، يحيط به أصحابه، فيخطب في الناس خطبة جامعة يُعرّف فيها بنفسه وبحقه، ويعلن انطلاق مشروع العدل الإلهي.

ثم يبايعه أصحابه، وتُرفع راية النور التي لا تُطوى حتى تُقيم دولة الله في الأرض. ومن هناك، تنطلق الجيوش المؤمنة لنشر رسالة الحق، بعد أن انقشع ظلام الفتن، وظهر وجه العدالة الإلهية من جديد.

خاتمة: الموعود الذي لا يتخلف

إن تجمع أنصار الإمام المهدي في مكة ليس مجرد حدث غيبي، بل إعلان عن اكتمال النضج الإنساني والإيماني للبشرية. هو لحظة التقاء الإخلاص الإنساني بالعناية الإلهية، وبدء فجرٍ جديد يُطهّر الأرض من الظلم.

ففي مكة، حيث بدأ الإسلام، سيعود النور من جديد، ليملأ الأرض قسطًا وعدلاً كما مُلئت جورًا وظلمًا.

وما ذلك على الله بعزيز.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1822 Seconds