هل هناك تشابه بين غيبة الإمام المهدي (عج) وغيبة الأنبياء السابقين ؟

, منذ 1 سنة 405 مشاهدة

كان العباسيون يعلمون - حسبما وردت الروايات الكثيرة المتواترة من الرسول الاعظم ان للحسن العسكري ولد يملأ الارض قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً.

ويملك امر المسلمين ... وخوفاً من ذلك كانوا يتحينون الفرص لمعرفته والايقاع به والقبض عليه ... ولما لبى العسكري نداء ربه هجم العسكر على دار الامام لإيجاد ضالتهم فمشية الله كانت اقوى من تصوراتهم وحفظ وليه من كيدهم .. . ومن اراد التفصيل في ذلك فليراجع كتاب - كمال الدين - للشيخ الصدوق وارشاد للشيخ المفيد .

فهناك ما يروي العليل اما الفلسفة في غيبته : فهي من الحوادث التي تكون بتدبير من الله عز وجل وانشائه فلا بد ان تكون جارية على وفق المصلحة والحكمة سواء ادركنا تلك الحكمة ام لا.

عرفنا ذلك السبب أو جهلناه ففي خبر عبد الله بن الفضل الهاشمي عن الامام الصادق (عليه السلام) قال: قلت فما وجه الحكمة في غيبته فقال وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدم من حجج الله تعالى ذكره ان وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف الا بعد ظهوره كما لم ينكشف وجه الحكمة لما اتاه الخضر (عليه السلام) من خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار لموسى (عليه السلام) الا بعد افتراقهما اذ لاشك بعد ثبوت امامته و عصمته وتعين فرض الامامة فيه وعليه انه لا بد لغيبته و احتجابه عن الناس من سبب اقتضى ذلك ومصلحة استدعته وضرورة قادته اليه وان لم تعلم وجهها عن التفصيل ولا يلزمنا ذلك ويكون مجرى الكلام في الغيبة و وجهها مفصلا مجرى الكلام في الآيات المتشابهة في القرآن الكريم ظاهرها بخلاف ما دلت عليه العقول من جبر و تشبيه ووو.

فكما أنا اذا علمنا حكمة الله تعالى وانه لا يجوز ان يخبر بخلاف ما هو عليه من الصفات نقطع بأن لتلك الآيات وجوها صحيحة تخالف ظاهرها وتطابق مدلول الادلة العقلية وان لم يمكننا العلم مفصلا كذلك لا يلزم منا ان نعلم سبب الغيبة على التعيين والتفصيل و اذا عرفنا منه شيئا فهو فضل .

ومن المحتمل ان يكون سبب الغيبة امرين: أحدهما خوفه (عليه السلام) من اعدائه و معانديه الذين ابغضوه و تطلبوا له الغوائل وفتشوا عنه البيوت طلبا لسفك دمه فألجأوه الى الغيبة والاستتار فاختفى (عليه السلام) حقنا لدمه الطاهر من الهدر وحفظاً لمبدئه الشريف من الاستئصال حتى يفسح له المجال ويهيئ له الأمر. قال الشبراوي الذى هو من فطاحل علماء السنة في كتابه الاتحاف بحب الاشراف ص ۱۷۹ بعد ذكر الامام الحسن العسكري (عليه السلام) وخلف بعده ولده و هو الثاني عشر من الائمة ابو القاسم محمد الى ان قال و كان ابوه اخفاه حين ولد وستر أمره لصعوبة الوقت وخوفه من الخلفاء فانهم كانوا في ذلك الوقت يتطلبون الهاشميين ويقصدونهم بالحبس والقتل. يريدون اعدامهم انتهى .

هذا دليل على علمهم بوجود المهدي الذي يذهب كيانهم كالفراعنة الذين التزموا بقتل الاولاد لكي لا يظهر موسى (عليه السلام) ولكن خاب املهم كذلك الخلفاء علموا من اخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله) سيظهر من ولدى ولد يملأ الارض قسطاً وعدلاً .

وعليه فالذي يجب عليه فراره من فراعنة زمانه و بغاة عصره هل من المعقول ان يقدم نفسه الزكية لقمة سائغة لأعدائه الكثيرين ؛ كلا ثم كلا . ثم لا يخفى ان العلة لم تزل مستمرة منذ زمن تولده (عليه السلام) الى زماننا هذا اذ من المعلوم لدى كل احد ان فراعنة كل زمان لا يسكتون منافسيهم في الأمر و ما نسبة شيعته الى من عداهم الانسبة القطرة إلى المطر الوابل .. وثانيهما: امتحاناً للناس واختباراً لهم لان الامتحان من سنن الله الجارية في كل زمن منذ ارساله الرسل قال الله سبحانه (الم. احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين (۱).

اذن لاشك انه (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان) وبالامتحان تعرف مراتب الرجال والعالم مثال المدرسة معلموها الرسول وطلابها المكلفون وتعليماتها الشرائح الالهية فلا بدلها من امتحانات تناسب حالها ليهلك من هلك عن بيئة ويحيى من حي عن بيئة ولا مشاحة في ان الله تعالى امتحن الأمم السالفة بامتحانات شتى ومن اهم ما امتحن الله به تلك الامم غيبة بعض انبيائهم وغيبة موسى (عليه السلام) عن قومه واتباع أكثر بني اسرائيل السامري وعبادتهم العجل لأقوى شاهد في الموضوع و قد قال النبي (صلى الله عليه وآله) كما في الأثر الصحيح المتواتر من الفريقين (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة لا تخطئون طريقتهم شبر بشبر وذراع بذراع حتى لو كان قبلكم دخل جحر ضب لدخلتموه .

تلك فيكون غيبة المهدى المنتظر (عليه السلام) على نحو : الامتحانات حتى يتبين الرشد من الغي والمؤمن من المنافق وغيبته (عليه السلام) اعظم امتحان لشيعته بل للمسلمين اجمع كما في الحديث ليطول غيبته حتى يكذبه ( يرتد) اكثر القائلين بإمامته .

هذا ويقول المحقق الشيخ نصير الدين الطوسي « ان وجود الامام لطف و تصرفه لطف آخر».

علما بان المهدي ليس بأول من غاب عن الانظار بل ان هناك غيره من الانبياء والصلحاء غائبون حتى ظهور المهدي ... كنبي الله عيسى (عليه السلام) وخضر (عليه السلام) والياس (عليه السلام) اذن فلم هذا التحامل والتهجم على الشيعة والتشيع فانظروا وتدبروا .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(۱) العنكبوت آية ١و٢ و٣.

المصدر: المهدي الموعود (عجّل الله فرجه) ودفع الشبهات عنه، السيد عبد الرضا الشهرستاني، ص27-32.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0534 Seconds