تعيش المجتمعات البشرية-اليوم-حالة عصيبة من فقدان الامن و الأمان في مختلف المجالات: فسرقة الأموال من البيوت و المحلات، و سرقة السيارات، بل و سرقة البنوك التي تقوم بها العصابات.. و الجرائم التي يقوم بها قطّاع الطرق، من سلب الناس و نهب اموالهم.. و اختطاف النساء و الأطفال.. و غير ذلك.. ما هي الا مظاهر من فقدان الامن و الأمان في المجمعات البشرية.
و في بعض البلاد يسيطر الخوف و الرعب على المجتمع، و يبلغ اقصاه في الليل.. فاذا طرق باب بيت من البيوت، استولى الارتباك و الذعر على صاحب البيت و عائلته.. قبل ان يعرف من الذي طرق الباب!!
أمّا في عصر الامام المهدي (عليه السلام) فان جميع هذه المخاوف تزول عن الناس، و يسود الامن و الامان جميع الكرة الارضية، و يعيش البشر في جوّ من السلام و الاطمئنان، و الراحة و هدوء البال.
و السؤال الآن: كيف يتحقق ذلك؟
الجواب: علينا ان نعرف - اولاً- العوامل التي تؤدي الى فقدان الأمن و الأمان، حتى نعرف- بعد ذلك-كيف يتحقق الأمن في عصر الامام.
ان فقدان الامن يعود الى احدى الاسباب التالية:
بل الطمع في المزيد من المال او خبث النفس و انحراف السلوك.
أمّا في عصر الامام المهدي (عليه السلام) فتزول جميع هذه الاسباب: فالفقر ينتفي من المجتمع و يعيش الجميع في رفاه و رخاء و رغد من العيش، حتى أنّ منادي الامام المهدي (عليه السلام) ينادي: من له حاجة الي؟فما يأتيه الا رجل واحد يريد المزيد من المال.. لا انه فقير محروم.
و الايمان باللّه يتركّز في القلوب، على أثر المناهج التربوية التي يطبقها الامام في المجتمع، و بذلك تنتفي الجرائم التي تقع بسبب ضعف الايمان باللّه تعالى.
و حكومة الامام المهدي (عليه السلام) سوف تكون اقوى حكومة جاءت على وجه الارض، فالسماء و الأرض تشتركان في دعمها و إرساء قواعدها.. و سوف تكون حكومة الامام (عليه السلام) هي الحكومة الوحيدة في الارض كلها.. و لهذا لا تتشكّل عصابات قطع الطريق و ما
شابه ذلك.. لأن يد العدالة تقضي عليها و هي في المهد..
هذا.. بالإضافة الى ان الناس يصلون الى مراتب عالية من التكامل و علو النفس و الشرف، بحيث يجلّون انفسهم و يترفعون عن ارتكاب جريمة السرقة.
بعد هذا التوضيح.. نعرف كيفية تحقق الامن و الأمان في عصر الإمام المهدي (عليه السلام) .
و الجدير بالذكر: ان الأمن و الأمان لا يختص بالبشر، بل يشمل البشر مع الحيوان، و الحيوانات بعضها مع بعض، فالإنسان لا يخاف من الحيوان، و الحيوانات الضعيفة لا تخشى من الحيوانات القوية، و يسود بينها روح التآلف و المحبة.
و فيما يلي نذكر بعض الاحاديث المروية حول هذه النقاط:
قال الامام الباقر (عليه السلام) - في حديثه عن الامن و الامان في عصر الامام المهدي عليه السلام-: «... و تخرج العجوزة الضعيفة من المشرق، تريد المغرب، لا يؤذيها احد... » [1] .
و قال الامام علي امير المؤمنين (سلام اللّه عليه) : «... حتى تمشي المرأة بين العراق و الشام، لا تضع قدميها الا على النبات، و على رأسها زينتها، لا يهيّحها سبع، و لا تخافه [2] .
و قال (عليه السلام) : «لو قد قام قائمنا... و لذهبت الشحناء من قلوب العباد، و اصطلحت السباع و البهائم... » [3] .
و قال الامام علي امير المؤمنين (عليه السلام) : «... و ترعى الشاة و الذئب في مكان واحد، و يلعب الصبيان بالحيّات و العقارب، لا يضرّهم شيء، و يذهب الشرّ، و يبقى الخير... » [4] .
و تسأل: كيف تصطلح السباع.. مع العلم أن غريزتها و طبيعتها الافتراس؟
الجواب: لعل ذلك يتحقق عن طريق المعجزة، فان اللّه تعالى الذي خلق تلك السباع و أوجد فيها الغرائز و الطباع، يسلبها غريزة الافتراس و يجعلها كسائر الحيوانات الاليفة التي لا يخشى منها احد.
و تسأل ثانيا: كيف يمكن ذلك.. مع العلم ان بعض السباع و الوحوش ينحصر طعامها في اللحوم؟
الجواب: لقد صرح علماء الحيوان بأنّ طعام السباع و الوحوش لا ينحصر في اللحوم، بل إن اللحوم تعتبر من ألذّ الأطعمة عندها، و في صورة عدم حصولها على اللحم، تكتفي بغيره كأوراق الشجر و ما شابه ذلك.
و قد ذكرنا كلمة موجزة حول هذا الموضوع في هامش فصل (البشائر في الاحاديث النبوية) من هذا الكتاب.
و هكذا يكون عصر الامام المهدي (عليه السلام) عصر السلم و السلام و الامن و الأمان، بجميع معنى الكلمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] ينابيع المودة للقندوزي ص 423
[2] بحار الأنوار ج 52 ص 319-نقلا عن كتاب الخصال للشيخ الصدوق.
[3] بحار الأنوار ج 52 ص 319.
[4] عقد الدرر باب 7- ص 159.
المصدر : الامام المهدي (عج) من المهد إلى الظهور تأليف : السيد محمد كاظم القزويني، ج 1 ص 620 ـ 624.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة