ومن الناس من يقول: لِمَ اختفى، والناس إلى الإمام أحوج من غيره؟
فالجواب: أنَّه للتقيَّة.
ولو خرج لخُذِلَ فقُتِلَ، تصديقاً لما ذكره في (الصواعق): من أنَّ زيداً لمَّا استشار أباه زين العابدين في الخروج نهاه، وقال: «أخشى أنْ تكون المقتول المصلوب بظهر الكوفة.
أمَا علمت أنَّه لا يخرج أحد من ولد فاطمة على أحد من السلاطين قبل خروج السفياني إلَّا قُتِلَ؟»، فكان كما قاله أبوه(١)، زينُ العابدين.
[إنكار خروج المهدي (عجَّل الله فرجه) شابًّا]:
ومنهم من قال: إنَّه شابٌّ عند خروجه، وإنَّه مولود، وطال عمره كيف يكون شابًّا؟
والجواب: أنَّ الله رزقه طول الحياة، وجعله آية من الآيات؛ لقادر على أنْ يُعيد شبابه، أو يُجلِّيه في هيأة الشُّبَّان بحسب القوَّة.
وقد ورد في الحديث: «الدجَّال شابٌّ جعد قطط»، كما في (الدُّرِّ المنثور) وغيره(٢).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الصواعق المحرقة لابن حجر (ص ١٨٢)، وانظر: الخرائج والجرائح للراوندي (ج ١/ ص ٢٨١).
(٢) وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث، عن النواس بن سمعان، قال: ذكر رسول الله [(صلّى الله عليه وآله وسلَّم)] الدجَّال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتَّى ظننَّا أنَّه في ناحية النخل. فقال: «غير الدجَّال أخوفني عليكم، فإنْ خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإنْ يخرج ولست فيكم، فكلُّ امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كلِّ مسلم. إنَّه شابٌّ، جعد قطط، عينه طافئة، وإنَّه تخرج خيله بين الشام والعراق، فعاث يميناً وشمالاً، يا عباد الله أثبتوا». قلنا: يا رسول الله، ما لبثه في الأرض؟ قال: «أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر الأيَّام كأيَّامكم». قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة؟ قال: «لا، أقدروا له قدره». قلنا: يا رسول الله، ما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث يشتدُّ به الريح فيمرُّ بالحيِّ فيدعوهم فيستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وتروح عليهم سارحتهم، وهي أطول ما كان درًّا، وأمدُّه خواصر، وأشبعه ضروعاً، ويمرُّ بالحيِّ فيدعوهم فيردُّون عليه قوله، فتتبعه أموالهم، فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء، ويمرُّ بالخربة، فيقول لها: اخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ويأمر برجل فيُقتَل، فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين رمية». انظر: الدُّرّ المنثور للسيوطي (ج ٤/ ص ٣٣٧)، كنز العُمَّال للمتَّقي الهندي (ج ١١/ ص ٥٠١)، صحيح البخاري (ج ٧/ ص ٥٨).
المصدر : إثبات وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) من أقوال علماء ومحدثي أهل السنة والجماعة.
تأليف : الشيخ محمد علي اللكنهوي الهندي المكي كان حياً سنة ١٣١٠هـ.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة