كيف نتعرف على علامات الظهور القريبة للإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 9 شهر 444 مشاهدة

إنّ أهمّية معرفة الظهور ومتابعة إرهاصاته أمرٌ لا ينبغي للمكلّف أن يتخلّف في البحث عنه؛ وذلك لأنّ علامات الظهور تعين المكلّفين على معرفة ملامح اليوم الموعود والتهيّؤ والاستعداد لاستقباله دون أن يعتري النفوس أدنى شكٍّ أو ريب.

بمعنى أنّ علامات الظهور لطفٌ إلهي تفضّلَ به الله تعالى على عباده، فهو إنذارٌ للنفوس أن تُعيد حساباتها وتسعى للاستقامة والتكامل، ومحاولة إعادة النظر في رؤيتها للوصول إلى الرؤية الصحيحة، وفي نفس الوقت فهي علامات بشائر إنقاذ وإعادة اعتبار للإنسانيّة الممتهنة.

إذن فلا بدّ من الإهتمام بمعرفة هذه الإنذارات والبشائر ليتسنّى معرفة ما يمكن للمكلّف القيام به، ومزاولته عندئذٍ.

أ _ العلامات من حيث القرب والبعد الزماني لليوم الموعود

على أنّ هذه العلامات تنقسم إلى قسمين بحسب بعدها وقربها عن تاريخ الظهور:

أوّلاً _ علامات بعيدة عن وقت الظهور:

وهي الحوادث التي تُعدُّ مجرياتٍ لأحداثٍ بعيدة عن وقت الظهور، أخبر بها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأئمّة أهل البيت عليهم السلام، وهي مقدّمات بعيدة عن الظهور، إلاّ أنّها تُعدُّ إرهاصاتٍ تُهيّئ للظهور، وممهّدات تلوّح بحلول اليوم الموعود بشكلٍ يُتيح لأخبار المهدي عليه السلام أن تكون مسألةً حقيقية، إلاّ أنّها على المدى البعيد، أي أنّ هذه العلامات البعيدة تجعل اليوم الموعود مسألةً ارتكازيّة تُحفّز الوعي العامّ لاستيعاب الاُطروحة المهدويّة، وتُهيّئ الظروف لأن تكون في مستوى الاستجابة لتهيئة ذلك اليوم وأرضيّة ممهّدة لاستقباله.

ومن هذه الأحداث التي تُعدُّ علاماتٍ بعيدةً عن الظهور ما رواه النعماني في غيبته: بسنده عن عليّ عليه السلام أنّه قال:

(يأتيكم بعد الخمسين والمائة أُمراء كفرة، واُمناء خونة، وعرفاء فسقة، فتكثر التجّار، وتقلُ الأرباح، ويفشو الربا، وتكثر أولاد الزنا، وتغمر السفاح، وتتناكر المعارف، وتعظم الأهلّة، وتكتفي النساء بالنساء، والرجال بالرجال).

فحدّث رجلٌ عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام أنّه قام إليه رجلٌ حين تحدّث بهذا الحديث فقال له: يا أمير المؤمنين، وكيف نصنع في ذلك الزمان؟

فقال: (الهرب الهرب، فإنّه لا يزال عدل الله مبسوطاً على هذه الاُمّة ما لم يمل قراؤهم إلى اُمرائهم، وما لم يزل أبرارهم ينهى فجّارهم، فإن لم يفعلوا ثمّ استنفروا فقالوا: لا إله إلا الله، قال الله في عرشه: كذبتم لستم بصادقين).(1)

هذه هي علامات الظهور البعيدة، أو مجريات الأحداث التي تجري قبل قيام القائم عجل الله فرجه، فهي ممهّدات إذن للتنويه عن الإمام المهدي عليه السلام لتستقبلها الأوساط بشكل لا يثير التوجّس في أصل قضيّة الظهور، وقد تكفلتها روايات تشير إلى مجمل الأحداث دون تفاصيلها وجزئياتها.

ثانياً _ علامات الظهور القريبة:

وهي العلامات التي تكون قبيل أو مزامنة ليوم الظهور. وتختلف من حيث أهمّيتها قرباً وبعداً ليوم الظهور، وستكون كالتالي:

١ _ علامات قريبة ليوم الظهور نسبيّاً:

وهي علامات قريبة نسبيّاً للظهور، وستكون بمثابة مقدّماته الممهّدة، أي ستكون بمثابة مقتضيات الظهور، والغالب عليها تفشّي الظلم، وشياع الجور، وذيوع الفساد إلى غير ذلك من مقتضيات الظهور، بل لعلّها ستكون إحدى الشروط التي تسبّب الظهور.

ومعنى ذلك أن تتداخل شرائط الظهور بعلاماته، وستكون عندئذٍ تحقّق بعض الشروط هي ذاتها إحدى علامات الظهور، وقد ذكرنا في بحث الشروط: توفّر مقتضى الإصلاح الذي بموجبه يتحقّق الظهور، أي وجود الظلم وشيوعه عند ذاك يكون مقتضي للإصلاح، ومن ثَمّ خروج المصلح، وهو الإمام عليه السلام، ولعلّ هذه العلائم ستشغل مساحة واسعة من روايات الملاحم والفتن، وسيكون انصباب اهتمام الأخبار على بيانها بشكلٍ ملفتٍ يوقظ معه إحساس المكلّفين بأنّ حدثاً ما تتطلّبه هذه الظروف الطارئة؛ وذلك على حساب الحالة المتفشّية في أوساط المجتمع؛ إذ الضمير الإنساني سيجد نفسه بحاجةٍ إلى منقذٍ ينقذه من (أزمة الظلم) المتفشّية في جميع الأوساط، وبالتأكيد فإنّ ذلك سيوجب توجّه النفوس إلى محاولاتِ إنقاذ واُطروحات إصلاحٍ عالميةٍ تسود الأرض بإصلاحاتها وعدلها.

ــــــــــــــــــ

(1) الغيبة/ محمّد بن إبراهيم النعماني: ٢٤٨.

المصدر : جدلية صراع أم تحديات مستقبل؟ ـ تأليف: السيد محمد علي الحلو

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.2292 Seconds