الفرق بين العلامات الحتمية والمشروطة لظهور الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)

, منذ 1 يوم 112 مشاهدة

مقدمة

تُعدّ قضية الإمام المهدي (عج) من الركائز الأساسية في العقيدة الإمامية الاثني عشرية، حيث يؤمن الشيعة بوجود الإمام الثاني عشر، الذي غاب عن الأنظار بغيبة كبرى وسيظهر في آخر الزمان ليملأ الأرض قسطًا وعدلًا بعد أن مُلئت ظلمًا وجورًا. ومن المواضيع المهمة التي ارتبطت بهذه العقيدة موضوع علامات الظهور، والتي وردت في كثير من الروايات. وتنقسم هذه العلامات إلى علامات حتمية وعلامات مشروطة أو غير حتمية، وهي التي يدور حولها بحثنا هذا.

أولًا: تعريف علامات الظهور

1. علامات الظهور لغةً

العلامة: من "العَلَم"، أي ما يُعرف به الشيء.

الظهور: البروز بعد خفاء.

2. علامات الظهور اصطلاحًا

هي الأحداث أو الوقائع التي تُخبر بها الروايات، والتي ستقع قبل أو مع ظهور الإمام المهدي (عج)، لتكون بمثابة دلائل تمهّد لظهوره وتعرّف الناس بقربه.

ثانيًا: العلامات الحتمية

1. تعريفها

العلامات الحتمية هي العلامات التي ورد في شأنها أنها لا بُدّ أن تقع قبل الظهور الشريف، وقد عبّرت عنها الروايات بأنها "حتماً واقعة" أو "لا بد منها"، ولا تتغيّر بتبدّل الظروف أو الإرادات.

2. الروايات الدالة على الحتمية

ورد في رواية عن الإمام الصادق (ع):

«من المحتوم الذي لا بد منه: خروج السفياني، وخروج اليماني، وصيحة من السماء، وقتل النفس الزكية، وخسف بالبيداء.»

(الغيبة للنعماني، ص 252)

3. العلامات الحتمية المشهورة (خمسة)

خروج السفياني: شخصية من الشام ذات طابع عدائي للإمام وأتباعه.

خروج اليماني: قائد من اليمن مؤمن وناصر للإمام.

الصيحة السماوية: نداء من السماء يسمعه كل من في الأرض، ينادي باسم الإمام.

قتل النفس الزكية: شخص يُقتل ظلمًا قرب الكعبة، قبل الظهور بـ 15 يومًا.

الخسف بالبيداء: خسف جيش السفياني في منطقة البيداء بين مكة والمدينة.

4. خصائص العلامات الحتمية

تقع بالضرورة قبل الظهور.

لا يمكن دفعها بالدعاء أو تغييرها.

لها صفة القطع واليقين عند وقوعها.

تُعد إشارات حاسمة لقرب الظهور.

ثالثًا: العلامات المشروطة أو غير الحتمية

1. تعريفها

هي العلامات التي قد تقع وقد لا تقع، أي أنّ تحققها مرتبط بشروط معينة، مثل إرادة الناس، الظرف السياسي أو الديني، أو دعاء المؤمنين. وقد تظهر في بعض الأزمنة ولا تظهر في أخرى، حسب المشيئة الإلهية.

2. أمثلة على العلامات المشروطة

كثرة الفتن والملاحم.

اختلاف الرايات السود.

ظهور شخصيات منحرفة كالدجال أو الشروسي.

خروج الرايات من خراسان.

تزلزل البلدان بالمجاعات والفساد.

3. دليل مشروطيتها

بعض هذه العلامات وردت دون وصف بـ"الحتمية"، كما أن هناك روايات تؤكد أن "الله يمحو ما يشاء ويثبت"، ما يدل على إمكانية التبدل في هذه العلامات بحسب السنن الإلهية.

4. خصائص العلامات المشروطة

ليست يقينية الوقوع.

قابلة للدفع أو التأخير.

بعضها قد يتكرر في التاريخ (مجازًا).

تهدف للتنبيه وليس القطع بالظهور.

رابعًا: الحكمة من تقسيم العلامات

1. التمييز بين الحقائق والمبشرات

العلامات الحتمية بمثابة نقاط مفصلية، بينما المشروطة أدوات تحفيز روحي وتنبيه حضاري.

2. الحفاظ على عنصر المفاجأة

لضمان أن لا يتكل الناس على العلامات الظاهرة فقط، فيغفلوا عن الإصلاح الذاتي وانتظار الإمام الحقيقي.

3. امتحان وتمحيص للمؤمنين

يمثل هذا التقسيم نوعًا من الابتلاء لتمييز الصادقين في الانتظار من غيرهم.

خامسًا: آراء العلماء في فهم الحتمية

بعض العلماء (كالشيخ المفيد والعلامة المجلسي) يؤكدون على قطع الحتميات ولا تقبل التبديل.

وآخرون يرون أن حتى الحتميات يمكن أن تُبدّل إن شاء الله، استنادًا إلى آية: "يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ".

خاتمة

إنّ فهم الفرق بين العلامات الحتمية والمشروطة ضروري لمن ينتظر الإمام المهدي (عج) بوعي ويقين. فالحتمية تشكّل مرحلة النضج القريب من الظهور، بينما المشروطة تمثّل أدوات إعداد وبناء للمجتمع المهدوي. وكلا النوعين يدعوان إلى التوبة، والعمل، والدعاء بتعجيل الفرج، لا إلى الركون وانتظار الأحداث بجمود.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0659 Seconds