يعتبر الاعتقاد بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه) من أساسيات معالم مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ومن مكمّلات عقيدة شيعتهم في الإمامة، حتى عُرف ذلك واشتهر عنهم.
ونتعرض هنا إلى: الأدلة الواردة في موضوع المهدي المنتظر.
فأهم ما يدل على العقيدة المهدوية عندهم أمران:
أولهما: اتفاقهم على تحقق الغَيبة الصغرى وارتباط النواب الأربعة (رحمهم الله) آنذاك بالإمام (عجّل الله فرجه) وهو ما سوف نتعرض له لاحقاً.
ثانيهما: الروايات المتواترة الدالة على ظهور المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)، وهي على صنفين:
الصنف الأول: الروايات الواردة في تفسير أو تطبيق بعض الآيات وارتباطها بالمهدي المنتظر (عجّل الله فرجه).
الصنف الثاني: الروايات المجرّدة عن التفسير المتضمنة للإخبار عن المهدي (عجّل الله فرجه) وشؤونه وما يرتبط به.
أمّا الصنف الأول: فهي روايات كثيرة، منها:
١ - معتبرة محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن قدّام القائم علامات تكون من الله (عزَّ وجلَّ) للمؤمنين»، قلت: وما هي جعلني الله فداك؟ قال: «ذلك قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ يعني المؤمنين قبل خروج القائم (عجّل الله فرجه) ﴿بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: ١٥٥] قال: يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم، والجوع بغلاء أسعارهم، ﴿وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ﴾ قال: كساد تجارتهم وقلة الفضل، (ونقص من الأنفس) قال: موت ذريع (ونقص من الثمرات) قال: قلة ريع ما يزرع ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾ عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عجّل الله فرجه)».
ثم قال لي: «يا محمد، هذا تأويله إن الله تعالى يقول: ﴿وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ﴾[آل عمران: ٧]»(1).
٢ - ما حكاه الشيخ محمد صادق الخاتون آبادي عن الفضل بن شاذان بسند صحيح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «المفقودون عن فُرشهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، عِدّةُ أهل بدر، فيُصبحون بمكة، وهو قول الله (عزَّ وجلَّ) ﴿أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨] وهم أصحاب القائم (عجّل الله فرجه)»(2).
٣ - صحيحة أبي حمزة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) - في حديث يتضمن تفسير عدة آيات - إلى أن قال: «وأمّا قوله ﴿حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾ [الأنعام: ٤٤] يعني قيام القائم (عجّل الله فرجه)»(3).
٤ - صحيحة أبي عبيدة الحَذّاء عن الإمام الباقر (عليه السلام) ومنها: «فقال لهم: ﴿لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [يونس: ٦٤] والإمام يبشّرهم بقيام القائم وبظهوره...»(4).
٥ - صحيحة أبان بن تغلِب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «إذا قام القائم (عليه السلام) لم يقم بين يديه أحد من خلْق الرحمن إلّا عرَفه صالح هو أم طالح، لأنّ فيه آية للمتوسّمين وهي بسبيلٍ مقيم»(5).
وفي هذه الرواية تطبيق لقوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَإِنَّها لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ (الحجر: ٧٥ - ٧٦).
٦ - معتبرة عبد الله بن سنان قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فسمعت رجلاً من همدان يقول له: إنّ هؤلاء العامة يعيروننا ويقولون لنا: إنكم تزعمون أن منادياً ينادي من السماء بِاسم صاحب هذا الأمر، وكان متكئاً فغضب وجلس، ثم قال: «لا ترووه عني، وارووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهدُ أني قد سمعت أبي (عليه السلام) يقول: والله إن ذلك في كتاب الله (عزَّ وجلَّ) لبيِّن، حيث يقول: ﴿إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ﴾ [الشعراء: ٤] فلا يبقى في الأرض يومئذٍ أحد إلّا خضع وذلّت رقبته له، فيؤمن أهل الأرض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إن الحق في علي بن أبي طالب (عليه السلام) وشيعته...»(٦)، وقريب منها غيرها(7).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كمال الدين: ٢/٦٤٩-٦٥٠.
(2) معجم الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) (نقلاً عن كشف الحق): ٧/٢٨.
(3) المصدر: ١٤٥.
(4) الكافي: ١/٤٢٩.
(5) كمال الدين: ٢/٦٧١.
(6) الغَيبة للنعماني: ٢٦٧.
(7) انظر: معجم أحاديث الإمام المهدي (عجّل الله فرجه): ٧/٤٢٠-٤٢٧.
الثقافة المهدوية ـ تأليف: السيد رياض الحكيم (بتصرف).
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة