منذ أن غاب الإمام المهدي المنتظر (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) عن الأنظار، شغلت مسألة اللقاء به في زمن الغيبة عقول العلماء والباحثين في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). فبين من يرى إمكان اللقاء به على نحوٍ خاص لبعض أوليائه المخلصين، ومن يذهب إلى نفيه أو التوقف فيه، ظلّ هذا الموضوع ساحةً لبحثٍ دقيق يجمع بين البعد العقائدي والروحي والمعرفي.
لقد أكّد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) على ضرورة الثبات في زمن الغيبة، وعلى حفظ الإيمان رغم احتجاب الإمام عن الأبصار، إلا أن الروايات والتجارب المنقولة في كتب الإمامية فتحت باب التساؤل حول إمكانية أن يتشرّف بعض المؤمنين بلقائه الشريف، إمّا في رؤيا صادقة، أو في لقاءٍ عيانيٍ محدودٍ لحكمةٍ إلهية.
ولأجل ذلك، اختلفت آراء العلماء الإمامية في تفسير هذه الظاهرة: فبعضهم أثبت وقوع اللقاء اعتمادًا على تواتر الأخبار وكثرة النقول الموثوقة، وعدّه من الكرامات التي يمنّ الله بها على عباده الصالحين، فيما رأى آخرون أن الغرض من الغيبة هو الانقطاع التام عن الارتباط الظاهري، فلا يمكن الادعاء بلقائه إلّا بدليل قطعي.
من هنا، تأتي أهمية هذا البحث في تتبّع آراء العلماء الإمامية حول هذه المسألة الحسّاسة، وبيان منهج كل فريقٍ منهم في ضوء النصوص الشرعية والعقلية، للكشف عن حدود الإمكان والواقع، وهذه أقوالهم :
1 ـ السيد المرتضى
قال : إنه غير ممتنع أن يكون الإمام عليه السلام يظهر لبعض أوليائه ممن لا
يخشى من جهته شيئاً من أسباب الخوف. تنزيه الأنبياء: 238
2- الشيخ الكراجكي
" ولسنا مع ذلك نقطع على أن الإمام عليه السلام لا يعرفه أحد، ولا يصير
إليه، بل قد يجوز أن يجتمع به طائفة من أوليائه تستر اجتماعها به وتخفيه. كنز الفوائد: 302.
3 ـ الشيخ الطوسي
" وما ينبغي أن يقال في الجواب هو أننا لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز أن يظهر لأكثرهم. الغيبة : 67.
4- السيد ابن طاووس :
يقول في رسالة المواسعة والمضايقة: " وسمعت من شخص لا أذكر اسمه عن
مواصلة بينه وبين مولانا المهديّ صلوات الله عليه. ولو كان يسوغ نقلها لبلغت عدة كراريس. النجم الثاقب / فارسي/ 251.
5 ـ الشيخ حسن بن الشهيد الثاني
أورد المحدّث النوري نقلاً عن الدر المنثور ما يلي:
" سمعت من بعض مشايخنا وغيرهم أنه لما حج كان يقول لأصحابه: نرجو من الله
سبحانه أن نرى صاحب الأمر عليه السلام فإنه يحجّ في كل سنة. مستدرك الوسائل ج 3 / 391
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة