هل يُمكن إثبات طول عمر الإمام المهدي (عج) طبياً ؟

, منذ 1 سنة 310 مشاهدة

لقد قامَت الأدلّةُ العقليّةُ والنقليّةُ على لزومِ وجودِ الحُجّةِ الإلهيّةِ في الأرض، وعلى أنَّ أوصياءَ خاتمِ الأنبياء (صلّى اللهُ عليهِ وآله) اثنا عشرَ إماماً، وعلى أنّ الثاني عشر منهم هوَ القائمُ المُنتظر الذي سيخرجُ فيملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئَت ظُلماً وجوراً، وعلى أنّه سيخرجُ بعدَ غيبةٍ طويلة.

هذهِ الأدلّةُ وغيرُها تدلّ على حياةِ الإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه) فعلاً، وتدلُّ على طولِ عُمرِه أيضاً؛ إذ لو ماتَ الإمامُ (عليهِ السلام) لخلَت الأرضُ منَ الحُجّةِ الإلهيّة، ولإنقطعَ اتّصالُ الأرضِ بالسّماء، ولبطُلَ القرآنُ العزيز؛ إذ إنَّ الملائكةَ والروحَ تنزلُ ليلةَ القدرِ في كلِّ سنةٍ بالمقدّراتِ الإلهيّةِ على شخصٍ هوَ حُجّةُ اللهِ المُتّصلُ بالسماء، يقولُ اللهُ تعالى: {تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ}؛ إذ نزولُ الملائكةِ والرّوحُ يحتاجُ لظرفِ لنزولِهم، ولابدَّ أن يكونَ الذي تنزلُ عليهِ الملائكة هوَ حُجّةُ الله المُتّصلُ بالسماء، فلو لم يكُن المعصومُ حيّاً، لما كانَ معنىً لنزولِ الملائكةِ والروح بالمُقدّراتِ الإلهيّة؛ إذ على مَن سينزلون؟! فوجودُ المعصومِ في الأرضِ ضرورةٌ قرآنيّةٌ، كما أنّها عقليّةٌ.

ولا ينبغي التعجّبُ مِن طولِ عُمرِه وبقائِه حيّاً لأكثرَ مِن ألفِ سنة، فإنّ الإنسانَ يمكنُه أن يعيشَ هذه المدّةَ بل أكثر، وأوضحُ شاهدٍ على ذلك: النبيُّ نوح (عليهِ السلام) الذي عاشَ يدعو قومَه ما يقاربُ مِن ألفِ سنةٍ، يقولُ تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً}[العنكبوت: 14]، وكذلكَ الخضرُ (عليهِ السلام) الذي يعيشُ منذُ زمنِ النبيّ موسى (عليهِ السلام) إلى الآن، وقد تجاوزَ عُمرُه العشرينَ قرناً.

وقد تم التوصّل إلى أنّ المُحيّرَ هوَ سرُّ الموتِ لا سرُّ الحياة؛ لأنَّ الأصلَ في التكوينِ الداخليّ للجينِ الوراثيّ هوَ الحياةُ الكاملةُ وعدمُ الموت، ولكنَّ المُفاجئَ هوَ إصدارُ أوامرَ برمجيّةٍ مِن داخلِ الجينِ الوراثي لتخريبِ الجسد، وهذا ما لا يُفهم، فقد جعلَ اللهُ فينا برنامجَ الموت، وإلّا فإنَّ كلَّ خليّةٍ لها قابليّةٌ عجيبةٌ للتجدّدِ والمحافظةِ على البقاء، فالنظامُ الأساسيّ هو بقاءُ الحياة، والموتُ هوَ المعجزةُ الإلهيّةُ التي لا يُعرَفُ مداها وكُنهُها، فما يحدثُ للمُعمّرينَ هوَ التفلّتُ مِن سرِّ الموتِ والبقاءِ على الطبيعةِ الأساسيّة.

وعلى هذا، لا مانعَ أن يتدخّلَ اللهُ تعالى في شأنِ الإمامِ المهديّ (عجّلَ اللهُ فرجًه)، فيمنعُ مِن طروِّ الموتِ عليه؛ إذ لا مانعَ عقلاً ولا واقعاً مِن إجراءِ تعديلٍ بالتوقيتِ في الجينِ الوراثيّ ليكونَ أطولَ بكثيرٍ منَ المعروفِ والمعهودِ في البشر.

إذن: طولُ عُمرِ الإمامِ المهدي (عجّلَ اللهُ فرجَه) ليسَ مُستحيلاً، بل معقولٌ ومقبولٌ بنظرِ العقلِ والعُقلاءِ والشرع، ولا يشكّكُ فيهِ إلّا جاهلٌ بالحقائقِ الثابتةِ أو مُنكرٌ جاحدُ لها.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0502 Seconds