هل الإمام المهدي مولود في هذا الزمان أم سوف يولد ؟

, منذ 1 سنة 1K مشاهدة

ليس من المعيب أن نسأل فنقول إذا كانت قضية الإمام المهدي (عليه السلام)، تشكل محوراً قرآنياً ، إشكالية كبيرة ، فهل ورد لهذه الإشكالية ذكر في التراث الفكري الديني ، سواء كان ذلك قبل الإسلام أم بعده ؟

الحقيقة ، إن قضية الإمام المهدي ، قضية مسلّم بها ، متسالم عليها ، عند الجميع ، حتى عند من يشكك في المهدي (عليه السلام) من الوجود أو التعيين ، غاية ما في الأمر، إنهم يفهمون كلمة : (سيظهر) على أنها : (سيولد) وهذا من أعجب ما يلاقيه الخداع الفكري البشري.

إن عشرات ، أو مئات الروايات ، التي وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يوجد فيها رواية واحدة ، تقول إنه ( سيولد ) في آخر الزمان؛ ليملأ الأرض عدلا ، وإنما جميعها يقول : إنه ( يظهر في آخر الزمان ) واللغة العربية ، التي طلقها العقل السطحي ، ترى بكل وضوح، أن الظهور إنما كون بعد خفاء ، بينما الولادة تكون بعد أن لم يكن الإنسان موجوداً ، ولكن بقدرة قادر ، تحول معنى الظهور ، إلى معنى الولادة المتأخرة ، وحين تسأل من يرى هذا الرأي ، سيقول لك بسرعة مدهشة ، إن هذا هو مذهبنا ، والعجيب إنه لا يقبل أن تسأله عن سر هذا المذهب في القضية ؟ ومن أين استفاده؟

فإذا كان مذهباً تعبدياً ، فأين النص الذي يقول إنه (سيولد) ؟ وإذا كان مذهباً تحليلياً ، فأي مذهب تحليلي ، يقلب الظهور بعد الخفاء ، إلى الولادة بعد العدم ؟

إنها رغبة فكرية ، مناوئة خصم فكري ليس لها أي دليل أو برهان ، ولا تستند لأي منطق سليم ، فما دام القائل : إن روايات المهدي - إجمالاً - من المتواترات ، فمن أين له سيناريو الولادة الغامض؟ فهو إما أن يؤمن بصحة أحاديث المهدي، وكثرتها ، وعليه أن يؤمن بالظهور بعد الخفاء ، كما هو نص الأحاديث ، أو يؤمن بأن هذه الأحاديث كلها ، ضعيفة مطروحة ، فليس له أن يؤمن بالمهدي ، من أصل الموضوع ، أو يستدل بأنه سيولد ، وليس له أن يقول : إن أحاديث المهدي متواترة ، ومن ضروريات الدين، كما هو إيمانهم بأنها من الضروريات . فالقضية لا تتجزأ ولأن النصوص التي وصفت بالصحة والتواتر ، هي نصوص صريحة بأنه سيظهر وليس سيولد.

وبهذا الشكل، نحن أمام حركة هلامية للفكر، تثبت المهدي بقوة من جهة إثبات النصوص، وتنفيه بقوة من جهة تحرير النص، ليتحول المهدي من (مختلف) إلى (غير مولود).

وأصل هذه الخدعة ، هو تحويل مفهوم (الظهور) إلى مفهوم ( الولادة ) .

وهنا نقطة حساسة ، وهي إنهم ينتظرون ولادته ، بدون أي معيار لمعرفة هذا المنتظر ، ولعل هذا السبب نفسه ، قد مكن الكثيرين من ادعاء المهدوية في أهل السنة ، وقد راقبنا إن كل من يدعي المهدوية من الشيعة - على قلتهم - قد فعل فعلته هذه ، بدفع وتحريك من حكومات ، وقوى سنية معروفة . تدفع بهذا الاتجاه، كجزء من صراع فكري مع الشيعة ، من أجل تشويش فكرة ظهور المهدي ملك ، ولم يدر بخلدهم ، إن الشيعة لا ينخدعون بهذه الألاعيب لأن عندهم معايير خاصة للظهور ، ولأن المهدي - عندهم - موجود بالفعل ، وحين يريد الظهور، يقبل بالامتحان ، والمعجز ، وغير ذلك ، ولا يكون ذلك إلا وفق معايير ، ومقارنة حوادث كونية ، لا تخطئ ، فعليه يحب أن يعرف من يدعي المهدوية ، أنه لا يفشل إلا نفسه.

وفي سبيل أن تدرس النصوص، حول ظهور المهدي، علينا أن نركز على قضية مهمة جداً ، وهي البشارة بالمصلح العالمي، بشكل عام، وربط هذه البشارة بالنصوص، التي تدل على تطبيق النبي وأهل بيته على ظهور مهدي آل محمد ، وعلى تسميته ، وتحديده ، بشكل لا شائبة فيه ، وذلك ليكون الترابط واضحاً ، في مجمل الديانات ، التي وردت فيها نصوص ، سواء كانت تعترف بها ، كاليهودية ، والنصرانية ، أو لا تعترف بها ، كالمجوسية ، والهندوسية ، والوردية . وبعد ذلك نقوم بقراءة النصوص الإسلامية، خصوصا الشيعية منها لأنها نصوص صدرت من اصحاب نفس المقولة ، التي ترى ضرورة وجود المهدي ، وغيبته .

أصبح - إذن - فهرس النصوص هو :

أولاً : إن نفهم إشارات كثيرة في الأديان ، غير دين الإسلام سواء ما كان منها معترف به إسلاميا ، أو غير معترف ، النص على انتظار مقل للبشرية ، يأتي في آخر الزمان ، ليسود العدل ، والرخاء للعنصر البشري، ويضع ميزان العدل ، والفكر السليم، لدى المجتمعات الإنسانية.

ثانيا : النصوص الإسلامية سنية وشيعية في البشارة بالظهور .

فحين يثبت هذا الحجم من النصوص في المهدي سواء فيما قبل الإسلام أو في الإسلام ، فلا يبقى أي شك بان الإشكالية قائمة من جهة ومحلولة من جهة ثانية ، ولكن السواد في القلوب يمنع المبطل من الوصول للحقيقة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: الإمام المهدي (عليه السلام) والقرآن الكريم - إشكالية ليلة القدر، الشيخ نزيه محيي الدين، ص421-٤٢٥.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1015 Seconds