مقدمة
إن الإمام المهدي المنتظر عليه السلام، وفق الروايات الإسلامية وخاصة عند الشيعة، هو قائد عالمي سيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً وظلماً. الكثير من الناس اليوم يتساءل: هل سيكون حكمه مطابقاً لما نعرفه من أنظمة الحكم الحديثة مثل الديمقراطية، أم أنه سيختلف جذرياً؟ للإجابة على هذا السؤال، يجب فهم طبيعة الحكم الإسلامي، دور الإمام المهدي، والفرق بين الديمقراطية الحديثة والحكم الإلهي العادل.
أولاً: طبيعة الحكم عند الإمام المهدي
الحكم الإلهي العادل:
الإمام المهدي ليس مجرد سياسي أو حاكم عادي، بل هو ولي الله، والحكم عنده مستمد من الشريعة الإلهية، والعدل المطلق. وهذا الحكم لا يعتمد على الانتخابات الشعبية أو اللوائح البشرية فقط، بل على القيم السماوية التي تحقق العدالة والمساواة.
شمولية السلطة والحق:
السلطة في زمن الإمام المهدي تشمل جميع جوانب الحياة: السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، والتربوية. القرار الذي يتخذه الإمام يعكس حكمة إلهية، لذلك لا يقتصر على إرادة الأغلبية كما في الديمقراطية المعاصرة.
ثانياً: الديمقراطية الحديثة ومحدودياتها
تعريف الديمقراطية:
الديمقراطية الحديثة تقوم على اختيار الشعب لقيادته عبر الانتخابات، ووجود فصل للسلطات، وحماية الحقوق الفردية.
المحدودية في تحقيق العدالة المطلقة:
رغم قيمتها، الديمقراطية تظل محدودة لأنها تعتمد على إرادة البشر، التي قد تكون خاطئة أو منحازة، بينما الحكم الإلهي عند المهدي يحقق العدل المطلق بغض النظر عن الرغبات الشخصية للأفراد.
ثالثاً: أوجه التشابه والاختلاف
التشابه المحتمل:
في الحكم الإسلامي، من حيث التطبيق العملي، قد يُستشار الناس في شؤونهم، ويُراعى مصالحهم، ما يشبه استشارة الشعب في الديمقراطية.
سيحكم الإمام بمبادئ العدالة، وهي قيم تتقاطع جزئياً مع مبادئ الديمقراطية.
الاختلاف الجوهري:
القرار النهائي عند الإمام المهدي يستند إلى العدل الإلهي، وليس إلى أغلبية الأصوات أو التصويت الشعبي.
الحريات في ظل حكم المهدي تكون موجهة نحو الخير العام والعدالة، وليست حرية مطلقة قد تضر المجتمع كما يحدث أحياناً في الأنظمة الديمقراطية.
رابعاً: الحكم الديني الشامل أفضل من الديمقراطية في بعض النواحي
القضاء على الظلم والفقر: النظام الإلهي للمهدي سيضمن العدالة الاجتماعية بشكل كامل، وهو أمر يصعب تحقيقه حتى في أنجح الديمقراطيات.
الاستقرار السياسي: عدم وجود صراع سياسي مستمر بين الأحزاب والطبقات، لأن السلطة تحت رؤية عادلة واحدة.
تطبيق القيم الإلهية: مثل حماية الحقوق الإنسانية، ضمان الأمان للجميع، وعدم التفريق بين الناس على أساس الدين أو العرق أو الطبقة الاجتماعية.
خاتمة
الإمام المهدي عليه السلام لن يعتمد الديمقراطية الحديثة كنظام حكم بمعناه التقني البشري، لكنه سيحكم بعدل يُراعي مصالح الناس ضمن إطار الشريعة الإلهية. الحكم عنده سيكون أشبه بالديمقراطية من حيث العدالة والمشاركة، ولكنه أسمى وأكثر كمالاً لأنه يستند إلى مصدر إلهي ويضمن الحقوق لكل البشر بلا استثناء. في النهاية، الحكم الإلهي للمهدي هو نموذج لتحقيق العدالة الكاملة، وليس مجرد نسخة من أنظمة البشر.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة