من أعظم أسرار الغيبة الإلهية للإمام المهديّ عليه السلام ما تضمّنته من حكمٍ بالغة ومقاصد إلهية دقيقة، من أبرزها أن يغيب عن الأنظار حتى لا تكون في عنقه بيعةٌ لطاغيةٍ أو ظالمٍ من حكّام الجور. فالإمام المهدي هو الامتداد الشرعي لخط الإمامة الإلهي الذي لا يرضخ للباطل ولا يمدّ يده للمستبدين، إذ إنّ البيعة لهم تمثّل اعترافاً بشرعيتهم، وهذا ما لا يليق بخاتم الأوصياء وحامل راية العدل الإلهي.
فكانت الغيبة صوناً لمقام الإمامة من التلوث بأيدي الظالمين، وحفظاً لنهج الحق من أن يُطوى تحت راية الباطل، حتى يأتي اليوم الموعود الذي يُظهر الله فيه دينه على الدين كلّه، ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلئت ظلماً وجوراً.
اذن أحد المسببة التي ذكرت لاختفاء الإمام (عليه السلام) أن لا تكون في عنقه بيعة لظالم. وقد أثر ذلك عن الإمام الرضا (عليه السلام) .
فقد روى الحسن بن علي بن فضال، عن أبيه، أنّ الإمام الرضا قال : ((كأني بالشيعة عند فقدهم الثالث من ولدي يطلبون المرعى فلا يجدونه، قلت له : ولم ذلك يا بن رسول الله ؟ قال : لان إمامهم يغيب عنهم فقلت ولم ؟ قال : لئلا يكون في عنقه لاحد حجة إذا قام بالسيف)) علل الشرائع, للشيخ الصدوق, ج1, ص245.
وورد عن الإمام المنتظر (عليه السلام) ذلك بقوله : (إنه لم يكن لأحد من آبائي (عليهم السلام) إلاّ وأوقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه.
واني أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عنقي) منتخب الاثر : 267.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة