ما هو التكليف الشرعي في غياب الإمام المهدي (عج) ؟ وهل نحن مسؤولون عن ظهوره؟

, منذ 20 ساعة 70 مشاهدة

إن غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) تمثّل واحدة من أعظم الابتلاءات التي تواجه الأمة الإسلامية، لا سيما أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام). فرغم غياب الإمام القائد، تبقى التكاليف الشرعية قائمة، بل وتُضاف إليها مسؤوليات جديدة تتناسب مع هذه المرحلة الحساسة من تاريخ الإسلام.

وفي هذا المقال، نسلّط الضوء على طبيعة التكليف الشرعي في عصر الغيبة، ونسأل: هل نحن فعلاً مسؤولون عن تعجيل ظهوره؟

أولًا: الغيبة الكبرى وما تعنيه للأمة

بدأت الغيبة الكبرى عام 329هـ، بانتهاء فترة السفراء الأربعة، لتبدأ مرحلة جديدة من علاقة الأمة بإمامها. لم يعد التواصل المباشر ممكنًا، لكن الإمام لم يترك شيعته دون توجيه، فقد صدر عنه التوقيع الشريف قائلاً:

"وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله عليهم."

(الشيخ الطوسي، الغيبة، ص177)

بالتالي، أصبح الرجوع إلى العلماء الفقهاء العدول هو الجسر الذي يربط الأمة بالإمام في غيبته.

ثانيًا: التكليف الشرعي في غيبته (عج)

رغم الغياب، تبقى العبادات والمعاملات والأخلاق جزءاً ثابتاً من دين الله، لا يتغير بوجود الإمام الظاهر أو غيابه. ومن أهم التكاليف في هذه المرحلة:

الرجوع إلى الفقهاء: لتلقي الأحكام الشرعية، والاجتهاد في فهم الدين.

العمل الفردي بالأوامر الإلهية: كالصلاة، الصيام، الزكاة، وغيرها.

إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

التمهيد للظهور: بإصلاح النفس والمجتمع، ومواجهة الفساد والانحراف، ونشر الوعي الديني والثقافي.

ثالثًا: هل نحن مسؤولون عن تعجيل الظهور؟

نعم، لكن بمعنى التمهيد لا التوقيت.

فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):

"إذا اجتمعت عدّة أهل بدر، ثلاثمائة وثلاثة عشر، ظهر قائمنا..."

(الغيبة للنعماني، ص315)

وهذا يدل على أن استعداد القاعدة الشعبية يلعب دورًا أساسيًا في تهيئة الظروف للظهور. كما أن حالة الظلم العالمي وامتلاء الأرض بالجور من علامات اقتراب الفرج.

لكن تحديد وقت الظهور بيد الله فقط. قال الإمام المهدي (عج) :

"وأما ظهور الفرج فإنه إلى الله تعالى ذكره، وكذب الوقاتون."

(الغيبة للطوسي، ص177)

رابعًا: واجباتنا الخاصة تجاه الإمام في غيبته

من التكاليف المخصوصة بفترة الغيبة:

الدعاء له بالفرج: كما في دعاء "اللهم كن لوليك..."

تجديد البيعة له صباحاً ومساءً

الانتظار الإيجابي: وهو انتظار العمل، لا انتظار التفرّج، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله):

"أفضل أعمال أمتي انتظار الفرج."

(الكافي، ج2، ص145)

الخاتمة :

إنّ غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) لا تعني تعطيل الدين، بل تمثّل امتحانًا لمدى تمسكنا به. والتكليف الشرعي في هذه المرحلة يقوم على الإيمان، والعمل، والتمهيد، والانتظار. وإذا كان الظهور مرتبطًا بإرادة الله، فإن مسؤوليتنا هي في إعداد الأرضية له، نفسًا ومجتمعًا. فكل مؤمن صادق يمكن أن يكون من جنود الإمام، إن أخلص النيّة وسار على خطى الهدى.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0581 Seconds