إن واحدة من الطرق المهمّة في زيادة المعرفة والتعرّف على المقام الشامخ والرفيع للإمام بقيّة الله الأعظم أرواحنا فداه، هو معرفة دور وجوده المبارك في عالم الوجود ونظام الخلق.
فإذا علمنا أنّ ذلك الإمام العظيم هو محور وقطب الوجود، وأنّه (عجّل الله تعالى فرجه) هو خليفة الله على أرضه وسماءه، وأنّه نقطة ارتكاز جميع عالم الوجود والحاكم على جميع الكواكب والسحاب، وسلطانه يشمل حتّى الملائكة الّتي تحمل عرش الله سبحانه وتعالى، فإذا عرفنا كلّ ذلك، فإنّ المنزلة والمقام العظيم للإمام صاحب العصر والزمان (عجّل الله تعالى فرجه) ستسمو وتكبر في أعيننا وتزاد علاقتنا ومحبّتنا له، وحينئذ سندرك كيف أنّنا كنّا بالفعل غافلين عن الإمام (عجّل الله تعالى فرجه) وعن ساحته القدسيّة، مع أنّه حيّ ويعيش بين ظهرانينا!
إنّ الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) الّذين هم خلفاء الله في عالم الخلقة والوجود ومن خلال أحاديثهم وكلماتهم - ولأجل بيان العظمة والمكانة والمقام الرفيع للإمام (عجّل الله تعالى فرجه)، ولفت أنظار النّاس إلى وجوده المبارك - فقد كانوا يعظّمونه بشكل رائع(1).
فعلى سبيل المثال يقول الإمام الباقر (عليه السلام):
يكون هذا الأمر في أصغرنا سنّاً، وأجملنا ذكراً، ويُورِثُه الله علماً، ولا يَكِلُه إلى نفسه(2).
لا شكّ فإنّ ذكر جميع الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) هو جميل وحسن ولكن لماذا يكون ذكر الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه) له خصوصيّة أكثر جماليّتاً من بقيّة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)؟
وفي صدد الإجابة نقول: إنّ جميع المساعي والجهود المضنيّة والتضحيّات الّتي قام بها رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وكذلك حصيلة ونتائج كلّ المواقف البطوليّة وما قدّمه الأئمّة الأطهار (عليهم السلام) من غال ونفيس، ستؤتي ثمارها على يديه المباركتين. وستظهر بواسطته (عجّل الله تعالى فرجه) ثمرة رسالة الرّسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والأئمّة الأطهار (عليهم السلام) في أوساط الاُمّة.
إذن؛ فإنّ ذكر ظهوره الميمون هو ذكر لرسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وبقيّة الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)، وأنّ الشخص الّذي يذكر الإمام (عجّل الله تعالى فرجه) ويذكر عصر حكومته المباركة، فإنّه يذكر جميع الجهود والمساعي الكبيرة الّتي قام بها الأئمّة الأطهار (عليهم السلام)؛ فلذلك فإنّ ذكره (عجّل الله تعالى فرجه) يعني ذكر جميع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام).
نعم؛ إنّ ذكر الجمال الجميل لذلك الإمام العظيم، هو ذكر جميل وحميد لجميع الأئمّة المعصومين (عليهم السلام).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ورد الكثير من التكريم والتجليل للإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) على ألسنة أئمّة الهدى (عليهم السلام)، نقلناها في مقدّمة كتاب «الصحيفة المهديّة»، يرجى الرجوع إليه.
(2) عقد الدرر: ١٨٨، ٦٩ و٢١٢.
دولة الإمام المهدي (عجّل الله تعالى فرجه الشريف) ـ تأليف: السيّد مرتضى المجتهدي السيستاني
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة