لماذا يختار الإمام المهدي الكوفة عاصمة لدولته دون غيرها؟

, منذ 2 يوم 232 مشاهدة

1. المكانة الدينية في الروايات

وردت في التراث الشيعي عشرات الأحاديث التي تشير بوضوح إلى أن الكوفة ستكون مقر حكم الإمام المهدي عليه السلام ومركز إدارته، منها:

رواية المفضل بن عمر عن الإمام الصادق عليه السلام:

قال المفضل: قلت: يا سيدي فأين تكون دار المهدي أو مجتمع المؤمنين؟

قال عليه السلام: دار مُلكه الكوفة، ومجلس حُكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغريين. البحار/ ج٥٣ / ص ١١.

و رواية أبي بكر الحضرمي عن الإمام الباقر عليه السلام أنه قال:

(كأني بالقائم عليه السلام على نجف الكوفة، وقد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة، وجبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، والمؤمنون بين يديه، وهو يفرّق الجنود في البلاد). البحار/ ج٥٢/ ص ٣٣٧ عن إرشاد الشيخ المفيد.

هذه النصوص تشير إلى أن الكوفة ستكون ليس فقط العاصمة السياسية، بل أيضًا العاصمة الروحية ومركز إشعاع الإسلام الأصيل.

2. البعد التاريخي

الكوفة عاصمة الخلافة العلوية: في عهد أمير المؤمنين علي عليه السلام، اختار الكوفة عاصمةً لحكمه بعد انتقاله من المدينة، لما توفره من موقع إستراتيجي وقربها من قلب العالم الإسلامي آنذاك.

رمزية الثأر الإلهي: الكوفة كانت مسرح أحداث مفصلية في التاريخ الإسلامي، منها وجود معسكر الإمام علي، وحضور أنصاره، ومجاورتها للنجف حيث مرقده الشريف. إعادة جعلها عاصمة في عصر المهدي تعني إعادة الحق إلى موضعه.

3. الموقع الجغرافي والإستراتيجي

وسطية الموقع: الكوفة تقع في قلب العراق، والعراق في قلب العالم القديم، مما يجعلها نقطة انطلاق مناسبة لإدارة دولة عالمية.

الارتباط بالمراقد المقدسة: قربها من النجف الأشرف وكربلاء المقدسة يعطيها بعدًا دينيًا وروحيًا مهمًا، حيث تشكل هذه المراقد محجًا للمسلمين.

التواصل المائي والبري: قرب الكوفة من نهر الفرات وطرق التجارة القديمة يجعلها قابلة لأن تكون مركزًا لوجستيًا عالميًا.

4. المواصفات العمرانية في دولة المهدي

الروايات تصف عمران الكوفة في عهد الإمام المهدي بأنها ستتسع جدًا وتصبح مدينة ضخمة:

فعن الصادق (عليه السلام) أنه قال :

" إذا قام قائم آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم بنى في ظهر الكوفة مسجداً له ألفُ باب، واتّصلت بيوت الكوفة بنهر كربلاء) البحار/ ج ٥٢/ ص ٣٣٧ عن إرشاد الشيخ المفيد.

5. الجانب الرمزي والعقائدي

التحقق العملي لوعد الأنبياء: الكوفة بحسب بعض الروايات هي موضع سكنى الأنبياء السابقين (نوح، إبراهيم، إدريس)، وهذا يعطيها بعدًا نبويًا ممتدًا.

إحياء سنة علي عليه السلام: إعادة العاصمة إلى الكوفة هو إعلان أن الحكم عاد على نهج الإمام علي بكل عدالته وصرامته في الحق.

مركز إشعاع عالمي: من الكوفة سينطلق الإمام المهدي لإدارة شؤون الأرض بالعدل، كما ورد: «إذا قام قائمنا، حكم بين الناس بحكم داود وآل داود» (الكافي).

6. مقارنة مع غيرها من المدن

المدينة المنورة: ذات مكانة روحية عظيمة، لكنها ليست في قلب العالم الجغرافي.

مكة المكرمة: ستكون مركز البيعة والانطلاق، لكن الروايات تشير إلى أن مركز الحكم والإدارة سيكون الكوفة.

القدس: رغم أهميتها، إلا أن الكوفة تتميز برمزية علويّة وروابط قوية مع جمهور أنصار المهدي.

خلاصة

اختيار الإمام المهدي للكوفة عاصمة لدولته ليس اختيارًا جغرافيًا فقط، بل هو قرار ذو أبعاد عقائدية وتاريخية وإستراتيجية. فهي تمثل:

رمزية إعادة الحق إلى نصابه.

امتداد لعاصمة أمير المؤمنين علي عليه السلام.

موقع استراتيجي في قلب العالم الإسلامي.

ارتباط وثيق بالمقدسات وأرض الأنبياء.

وهكذا تصبح الكوفة في زمن الإمام المهدي قلب العالم السياسي والروحي، ومركز انطلاق العدالة الإلهية إلى كافة أرجاء الأرض.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1035 Seconds