المقدمة
العدالة العالمية من أبرز وظائف الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف) وفق النصوص الشرعية، فهي هدف رسالة الأنبياء جميعًا، ويأتي الإمام المهدي ليُكمل هذا المشروع على صعيد شامل.
يؤكد الفكر الإسلامي أن الأرض لن تُملأ عدلًا إلا بوجود الحجة، كما جاء في الحديث:
«يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا».
وهذا يدل على أن العدالة ليست محصورة في نطاق الدولة أو الأمة، بل هي مشروع كوني يرتبط بتنظيم العلاقات الإنسانية على كل الأصعدة: الفردية، والاجتماعية، والسياسية.
أولًا: مفهوم العدالة العالمية في النصوص المهدوية
العدالة الفردية:
إقامة الحقوق الشخصية، وضمان سلامة الضمير والروح، والابتعاد عن الظلم الشخصي.
العدالة الاجتماعية:
توزيع الثروات بعدل، وحماية المستضعفين، والقضاء على الفساد والجور.
العدالة الدولية:
وضع نظام عالمي قائم على القيم الإلهية، بعيد عن الاستغلال، يحفظ حقوق جميع الأمم والشعوب.
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلزال يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض ».
ثانيًا: الآليات العملية لتحقيق العدالة
الإمام المهدي يحقق العدالة عبر عدة آليات، منها:
إقامة القانون الإلهي
تطبيق الحدود والأحكام الشرعية بدقة، بحيث تكون مرشدًا لكل سلوك إنساني.
القضاء العادل
القضاء على الظلم الفردي والجماعي، ومحاسبة الطغاة والمستبدين.
إصلاح المؤسسات الاقتصادية والسياسية
توزيع الموارد بشكل عادل، وضمان وصولها إلى مستحقيها، ووقف استغلال السلطة والمال.
تعزيز الوعي الإنساني
تربية الناس على القيم الروحية والأخلاقية، لتصبح العدالة نهج حياة وليس مجرد تطبيق قانوني.
ثالثًا: العدالة والإنسانية المعاصرة
العالم المعاصر يعاني من الفوضى الاجتماعية، والاستغلال الاقتصادي، وانتشار الظلم على نطاق واسع.
ظهور الإمام المهدي سيكون نقلة نوعية في هذا السياق، إذ يعيد تعريف مفهوم العدالة بما يلي:
العدالة شاملة لجميع البشر، لا تقتصر على جماعة أو دولة.
العدالة مترابطة مع الأخلاق والقيم الروحية، فلا يمكن فصلها عن الطهارة الداخلية للإنسان.
العدالة ديناميكية: تتكيف مع الظروف والتحديات الحديثة، لكن مع الحفاظ على المبادئ الإلهية الثابتة.
رابعًا: أثر العدالة المهدوية على المجتمع الكوني
استقرار عالمي شامل: تزول الحروب والصراعات، ويحل السلام المستدام.
تمكين المستضعفين: تعود الحقوق إلى أصحابها، ويختفي الاستغلال والفساد.
توحيد الإنسانية على القيم الروحية: تتكامل المجتمعات على أساس الإيمان والعمل الصالح، وتصبح الأرض مزارًا للعدل والخير.
الخاتمة
العدالة العالمية ليست مجرد شعار، بل مشروع إلهي كامل مرتبط بوجود الإمام المهدي.
هو القادر على إعادة التوازن بين الإنسان والإنسان، والإنسان والكون، من خلال إقامة شريعة الله بأبعادها الروحية والأخلاقية والاجتماعية.
اللهم اجعلنا من المساهمين في مشروع العدالة الإلهية، واجعل ظهور الإمام المهدي فرجًا للعالم ك
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة