ذكرت جملة من الروايات العلل والغايات التي من أجلها سمي الإمام الحجة محمد بن الحسن (عليه السلام) بالمهدي والقائم والمنتظر منها:
١ - روي الشيخ الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) - في حديث طويل يذكر فيه أسماء محمّد وعليّ وفاطمة والائمّة (عليهم السلام) - قال (صلى الله عليه وآله): وسمّي القائم قائماً لانّه يقوم بعد موت ذكره(1).
٢ - وروي الشيخ المفيد والفتّال بالاسناد عن محمّد بن عجلان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا قام القائم (عليه السلام) دعا الناس إلى الاسلام جديداً، وهداهم إلى أمر قد دُثِر فَضَلّ عنه الجمهور، وإنّما سمّي القائم مهديّاً لأنّه يهدي إلى أمر مضلول عنه، وسمّي بالقائم لقيامه بالحقّ(2).
٣ - وروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن الصقر بن أبي دلف، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا (عليه السلام) - في حديث - قال: قلت له: يا بن رسول الله، فمن الامام بعد الحسن؟ فبكي (عليه السلام) بكاءً شديداً، ثمّ قال: إنّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحقّ المنتظر.
فقلت له: يا بن رسول الله، لم سمّي القائم؟
قال: لأنّه يقوم بعد موت ذكره وارتداد أكثر القائلين بإمامته.
فقلت له: ولم سمّي المنتظر؟
قال: لانّ غيبته تكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذّب فيها الوقّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المُسلّمون(3).
٤ - وروي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي حمزة ثابت بن دينار الثمالي، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) - في حديث - قال: قلت له: يا بن رسول الله، كلّكم قائمون بالحقّ؟ قال: بلي.
قلت: فلم سمّي القائم قائماً؟
قال: لمّا قتل جدّي الحسين (عليه السلام) ضجّت الملائكة إلى الله عزّ وجلّ بالبكاء والنحيب، وقالوا: إلهنا وسيّدنا انتقم ممّن قتل صفوتك وابن صفوتك وخيرتك من خلقك، فأوحي الله عزّ وجلّ إليهم، قرّوا ملائكتي فوعزّتي وجلالي لانتقمن منهم ولو بعد حين.
ثمّ كشف الله عزّ وجلّ عن الائمة من ولد الحسين (عليه السلام) للملائكة، فسرّت الملائكة بذلك، فإذا أحدهم قائم يصلّي، فقال الله عزّ وجلّ: بذلك أنتقم منهم(4).
٥ - وروي بالاسناد عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام) - في حديث - قال (عليه السلام): وإنّما سمّي المهدي لأنّه يهدي لامر خفيّ، يستخرج التوراة وسائر كتب الله من غار بأنطاكية، فيحكم بين أهل التوراة بالتوراة، وبين أهل الانجيل بالانجيل، وبين أهل الزبور بالزبور، وبين أهل الفرقان بالفرقان، وتجمع إليه أموال الدنيا كلّها، ما في بطن الارض وظهرها، فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الارحام، وسفكتم فيه الدماء، وركبتم فيه محارم الله، فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله.
قال: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو رجل منّي اسمه كاسمي، يحفظني الله فيه، ويعمل بسنّتي، يملا الارض قسطاً وعدلاً ونوراً بعد ما تمتلئ ظلماً وجوراً وسوءاً(5).
٦ - وروي الطبري بالاسناد عن محمّد بن علي السلمي، عن أبي جعفر محمّد ابن علي (عليه السلام)، قال: إنّما سمّي المهدي مهديّاً، لانّه يهدي لامر خفي، يهدي لما في صدور الناس، ويبعث إلى الرجل فيقتله، لا يُدري في أيّ شيء قتله، ويبعث ثلاثة راكب - قال: هي بلغة غطفان ركبان - أمّا راكب فيأخذ ما في أيدي أهل الذمّة من رقيق المسلمين فيعتقهم، وأمّا راكب فيظهر البراءة منهما: يغوث ويعوق في أرض العرب، وراكب يخرج التوراة من مغارة بأنطاكية، ويُعطي حكم سليمان(6).
٧ - وروي بالاسناد عن أنس بن مالك، قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم فرأي علياً (عليه السلام)، فوضع يده بين كتفيه، ثمّ قال (صلى الله عليه وآله): يا علي، لو لم يبقَ من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتّى يملك رجل من عترتك، يقال له المهدي، يهدي إلى الله عزّ وجلّ، ويهتدي به العرب، كما هديت أنت الكفّار المشركين من الضلالة(7).
كنيته
كنيته (عليه السلام) كنية جدّه رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهو أبو القاسم، وعليه فهو شريكه (صلى الله عليه وآله) في الاسم والكنية، وهذا هو المشهور والمتواتر عن النبيّ (صلى الله عليه وآله): يخرج في آخر الزمان رجل يدعي من ولدي، اسمه كاسمي، وكنيته ككنيتي، يملا الارض عدلاً كما ملئت جوراً، وقال: فذلك هو المهدي(8).
ويكنّي (عليه السلام) أبا عبد الله، لما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) قوله: لو لم يبق في الدنيا إلاّ يوم واحد لبعث الله فيه رجلاً اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنّي أبا عبد الله، يبايع له الناس بين الركن والمقام(9)، الحديث.
ويكنّي أيضاً أبا جعفر(١٠)، وقال الطبري في (الدلائل): وله (عليه السلام) كني أحد عشر إماماً(١1).
ـــــــــــــــــــــــــــ
(1) معاني الاخبار: ٦٤ - ٦٥ / ١٧، بحار الانوار ٥١: ٣٠ / ٦.
(2) روضة الواعظين ٢: ٢٦٤، إعلام الورى: ٤٣١، بحار الانوار ٥١: ٣٠ / ٧ عن الارشاد.
(3) كمال الدين: ٣٧٨ / ٣، إعلام الورى: ٤٠٩، الخرائج والجرائح ٣: ١١٧٢، بحار الانوار ٥١: ٣٠ / ٤.
(4) علل الشرائع: ١٦٠ / ١، بحار الانوار ٤٥: ٢٢١ / ٤، و٥١: ٢٨ / ١.
(5) علل الشرائع: ١٦١ / ٣، بحار الانوار ٥١: ٢٩ / ٢.
(6) دلائل الامامة: ٤٦٦ / ٤٥١، الخرائج والجرائح ٢: ٨٦٢ / ٧٨، بحار الانوار ٥٢: ٣٩٠ / ٢١٢.
(7) دلائل الامامة: ٤٦٩ / ٤٥٧، الملاحم والفتن: ١٣٩.
(8) تذكرة الخواصّ: ٣٦٣، عقد الدرر: ٣٢، منتخب الاثر: ١٨٢ / ١.
(9) البيان في أخبار صاحب الزمان: ١٢٧.
(١٠) المجالس السنيّة ٥: ٦٧٨.
(١1) دلائل الامامة: ٥٠٢.
لهذه العلة سمي بالمهدي والقائم والمنتظر
المصدر: المهدي المنتظر عليه السلام القسم الأول، حسين الشاكري.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة