ما يختص به الشيعة بشأن المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه)

, منذ 1 اسبوع 225 مشاهدة

1 - تحديد هويته الشخصية (محمد بن الحسن العسكري (عليهما السلام)):

يرى شيعة أهل البيت (عليهم السلام) أن هوية المهدي المنتظر محددة وأنه محمد بن الحسن العسكري (عليهما السلام)، وقد يوافقهم عليه بعض المسلمين الذين أقروا بولادته ووصفوه بأنه المهدي المنتظر، إلّا أن المعروف بين الجمهور عدم تحديد هوية المهدي الشخصية والاكتفاء بذكر أوصافه.

ويستند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) إلى عدة أدلة وشواهد على ذلك، أهمّها اثنان:

الأول: النصوص الكثيرة التي تضمنت تحديد هويته ونسبه المذكور، (منها):

١ - صحيحة عبد السلام الهروي المتقدمة، وفيها: «... الإمام من بعدي محمد ابني، وبعد ابنه علي، وبعد علي ابنه الحسن وبعد الحسن ابنه الحجة القائم المنتظر في غَيبته...».

٢ - صحيحة الريان بن الصلت المتقدمة قال: قلت للرضا (عليه السلام): أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: «أنا صاحب هذا الأمر، ولكني لست بالذي أملؤها عدلاً كما ملئت جوراً، وكيف أكون ذلك على ما ترى من ضعف بدني، وإن القائم هو الذي إذا خرج كان في سنّ الشيوخ ومنظر الشبان، قوياً في بدنه حتى لو مدّ يده إلى أعظم شجرة على وجه الأرض لقلعها، ولو صاح بين الجبال لتدكدكت صخورها، يكون معه عصا موسى وخاتم سليمان (عليهما السلام)، ذاك الرابع من ولدي، يغيبه الله في ستره ما شاء، ثم يظهره فيملأ [به] الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً»(1).

٣ - صحيحة أبي هاشم الجعفري قال: قلت لأبي محمد (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: «سَل»، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟

فقال: «نعم»، فقلت: فإن حدَثَ بك حدَثٌ فأين أسأل عنه؟ قال: «بالمدينة»(2).

وتشير هذه الرواية إلى غَيبته والظروف غير الطبيعية التي تحيط بالمهدي (عجّل الله فرجه) بحيث إنه يُطلب في المدينة المنوّرة مع أنه كان بعمر خمس سنوات إلى جنب أبيه الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عند وفاته في مدينة سامراء في العراق، ونظير هذه الروايات روايات أخرى كثيرة يأتي التعرض لبعضها.

٤ - معتبرة أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري قال: سمعت أبا الحسن صاحب العسكر (عليه السلام) يقول: «الخَلَف من بعدي ابني الحسن، فكيف لكم بالخَلَف من بعد الخَلَف؟» فقلت: ولمَ جعلني الله فداك؟ فقال: «لأنكم لا ترون شخصه، ولا يحلّ لكم ذكره باسمه»، قلت: فكيف نذكره؟ قال: «قولوا: الحجة من آل محمد»(3).

ولعلّ من أهم أسباب النهي عن ذكر اسمه (عجّل الله فرجه) وتحديد هويّته في الملأ العام المحافظة على مصير العائلة ومقرَّبي الإمام العسكري (عليه السلام) من ملاحقة السلطة وبطشها، كما تُشير إلى ذلك بعض الروايات، ومنها ما في صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري عن الثقة أحمد بن إسحاق الأشعري القمي في حواره مع السفير الثاني محمد بن عثمان السمري (رحمه الله) قال:... قلت: فالاسم. قال: (محرَّم عليكم أن تسألوا عن ذلك، ولا أقول هذا من عندي، وليس لي أن أُحلِّل ولا أُحرّم، ولكن عنه (عجّل الله فرجه).

فإنّ الأمرَ عند السلطان أن أبا محمد (عجّل الله فرجه) - يعني الحسن العسكري (عليه السلام) - مضى ولم يُخلّف ولداً، وقُسّم ميراثه وأخذَه من لا حقّ له، وصبَر على ذلك، وهو ذا عيالُه يجولون وليس أحد يجسر أن يتعرَّف عليهم أو يُنيلَهم شيئاً - أي يقدّم لهم شيئاً من المال - وإذا وقع الاسم وقع الطلب، فاتقوا الله وأمسِكوا عن ذلك...)(4).

شبهة (اسم أبيه اسم أبي) والجواب عنها:

وأمّا ما تضمّنته بعض روايات الجمهور عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأن اسم أبيه اسم أبي.

فقد قيل إنّ أصله ما رواه أبو داوود عن زائدة عن عصام عن زُر عن عبد الله عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنه قال: (لو لم يبقَ من الدنيا إلّا يومٌ واحدٌ لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث الله رجلاً مني أو - من أهل بيتي - يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما هذا، وقد عِشنا ما يشبه هذه الظروف في عهد طاغية العراق، حيث تم إعدام بعض أقاربنا لمجرّد سماعهم بكيفية مغادرة الشهيد السيد محمد باقر الحكيم (رحمه الله) للعراق، كما إن أجهزة النظام القمعية حاصرت بيوت كبار السن - بعد إطلاق سراحهم - لمدة أربع سنوات متواصلة حيث كانت عناصرهم تلازم بيوتهم صباحاً ومساءً طيلة كل هذه الفترة لمنع التواصل معهم، بل إن عناصر الأجهزة الأمنية حجزت غرفة في بيت الشهيد السيد محمد رضا الحكيم (رحمه الله) نجل مرجع الطائفة السيد محسن الحكيم (رحمه الله) وسكنوها خلال هذه الفترة الطويلة إمعاناً في الحصار والرصد وإيذاء العائلة.

وإنما ذكرت ذلك لئلّا يستغرب القارئ من الروايات المحذرة من تحديد اسم وهوية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بين عموم الشيعة آنذاك حذراً من سطوة السلطة وبطشها بعائلته والمقرّبين منه.

ملئت ظلماً وجوراً)(5) والذي لا ينسجم مع كون المهدي ابن الحسن العسكري (عليهما السلام).

والجواب عنه - بالإضافة إلى الإشكال لدينا فيه، لعدم وروده من طُرق معتبرة عندنا - أمران:

الأول: أن في سنده (زائدة) وقد طعنوا فيه بأنه كان يزيد في الأحاديث(6).

الثاني: أن نفس الحديث روي بعدة طرق عن زُر من دون زيادة (واسم أبيه اسم أبي...) فقد ذكر الحافظ الكنجي الشافعي أن الأحاديث الواردة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) جميعها خالية من جملة (واسم أبيه اسم أبي) ثم ذكر الحديث المروي عن زائدة وقال: - بعد الحديث - ما نصّه: قلت: وقد ذكر الترمذي الحديث، ولم يذكر قوله (واسم أبيه اسم أبي...) وفي معظم روايات الحُفّاظ والثِّقات من نقَلة الأخبار: (اسمه اسمي) فقط.. والقول الفصل في ذلك: أن الإمام أحمد بن حنبل - مع ضبطه وإتقانه - روى الحديث في مسنده في عدّة مواضع: (اسمه اسمي) ثم ذكر أسماء واحد وثلاثين شخصية ممن روى الحديث بطرق متعددة وقال: كل هؤلاء رووا (اسمه اسمي) إلّا ما كان من عبيد الله بن موسى عن زائدة عن عصام فإنه قال فيه: (واسم أبيه اسم أبي) ولا يرتاب اللبيب أن هذه الزيادة لا اعتبار بها مع اجتماع هؤلاء الأئمة على خلافها(7)، وهناك مناقشات أخرى في ذلك توكل إلى محلّها.

ولعلّ لمسعى الخليفة العباسي عبد الله أبي جعفر المنصور المحموم في الإيحاء بأن ولده محمداً هو المهدي المنتظر - ولذلك لقبّه بـ(المهدي) - دوراً في وضع هذه الزيادة ونشر الروايات المتضمّنة لها، وذلك مما يزيد هذه الرواية شكّاً وشبهة.

وعلى كل فالروايات الكثيرة المعتبرة عندنا - المتقدم بعضها - الدالة على كون المهدي (عجّل الله فرجه) من ذرية الامام الحسين (عليه السلام) كافية في عدم اعتبار هذه الرواية وأمثالها.

الثاني: وجود النواب الأربعة (رحمهم الله):

وجه الاستدلال: أن النواب الأربعة مشهود لهم بالوثاقة والعدالة من الإمامين الهادي والعسكري (عليهما السلام) أو الأصحاب المعاصرين لهم والعلماء اللاحقين، وهم يدّعون النيابة والارتباط المباشر بالمهدي محمد بن الإمام الحسن العسكري (عليهما السلام) فتكون هذه شهادات منهم بذلك، وهي كافية في إثبات هويته (عجّل الله فرجه) وولادته، بالإضافة إلى عدة روايات تضمّنت رؤيتهم له، منها:

١ - صحيحة عبد الله بن جعفر الحميري قال: قلت لمحمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه): إني أسألك سؤال إبراهيم ربّه جل جلاله حين قال له ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي﴾ [البقرة: ٢٦٠] فأخْبِرني عن صاحب هذا الأمر هل رأيته؟ قال: (نعم، وله رقَبة مثل ذي - وأشار بيده إلى عنقه -)(8).

وكأنه يريد من ذلك أنه مثل سائر الناس، له جسم مادي وأعضاء جسدية وأنه رآه عَياناً كما يرى غيره من الناس.

٢ - معتبرة محمد بن موسى المتوكل قال: حدثني عبد الله بن جعفر الحميري عن محمد بن عثمان العمري (رضي الله عنه) فقلت له: أرأيت صاحب هذا الأمر؟ فقال: (نعم، وآخر عهدي به عند البيت الحرام وهو يقول: «اللهم أنجز لي ما وعدتني».

ونحوهما غيرهما(9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 (1) كمال الدين وتمام النعمة: ٣٧٦.

(2) الكافي: ١/٣٢٨.

(3) المصدر: ٣٨١.

(4) انظر الكافي: ١/٣٣٠؛ والغَيبة (للطوسي): ٣٦٠-٣٦١.

(5) انظر سنن أبي داوود: ١٠٦-١٠٧.

(6) انظر: البيان في أخبار صاحب الزمان: ٤٨٣.

(7) انظر: الإمام المهدي من المهد إلى الظهور: ٢٣؛ البيان في أخبار صاحب الزمان: ٤٨٥-٤٨٦.

(8) كمال الدين وتمام النعمة: ٢/٣٣٥.

(9) انظر: المصدر ٤٤٠ وما بعدها.

المصدر : الثقافة المهدوية (دروس منهجية) ـ تأليف: السيد رياض الحكيم.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0491 Seconds