إنّ التبشير بقضيّة الإمام المهدي المنتظر (عج) قد انطلقت من القرآن الكريم وكانت مورد اهتمام النبيّ العظيم (صلى الله عليه واله) ثم الإمام المرتضى علي بن أبي طالب(عليه السلام) في نصوص تجاوزت المئتين.
ومن جملة ما اُخبر عنه من الملاحم ما قاله (عليه السلام):
(ألا وفي غد ـ وسيأتي غدٌ بما لا تعرفون ـ يأخذ الوالي من غيرها عمّالَها على مساوئ أعمالها، وتُخرج له الأرض أفاليذ كبدها، وتلقي اليه سِلْماً مقاليدَها، فيريكم كيف عدلُ السيرة، ويُحيي ميِّت الكتاب والسُنّة).(1)
إنّها رؤية دقيقة محدّدة مضيئة واضحة المعالم، تتمثّل في قيام ثورة عالمية تصحّح وضع العالم الإسلامي بل الإنساني أجمع، وقد قال (عليه السلام) عن قائدها:
(يعطف الهوى على الهدى إذا عطفوا الهدى على الهوى، ويعطف الرأي على القرآن إذا عطفوا القرآن على الرأي).(2)
وقال (عليه السلام): (يا كميل، ما من علم إلاّ وأنا أفتحه، وما من سرّ إلاّ والقائم (عليه السلام) يختمه.. يا كميل، لا بدّ لِماضيكم من أوبة، ولابدّ لنا فيكم من غلبة...).(3)
بنا يختم الدين كما بنا فُتح، وبنا يستنقذون من ضلالة الفتنة كما استنقذوا من ضلالة الشرك، وبنا يؤلّف الله قلوبهم في الدين بعد عداوة الفتنة كما ألّف بين قلوبهم ودينهم بعد عداوة الشِرك.(4) ولو قد قام قائمنا; لأنزلت السماء قطرها وأخرجت الأرض نباتها، وليذهب الشحناء من قلوب العباد، وأصلحت السباع والبهائم حتى تمشي المرأة من العراق إلى الشام لا تضع قدمها إلاّ على النبات وعلى رأسها زينتها لا يهيجها سبع ولا تخافه).(5)
بشائر الإمام الحسن المجتبى (ع) بالإمام المهديّ المنتظر (ع)
1 ـ بعد أن صالح الإمام الحسن(ع) معاوية ودخل عليه الناس ولامه بعضهم على بيعته قال: (... أما عَلِمتم أنّه ما مِّنا من أحد إلاّ ويقع في عنقه بيعة لطاغية زمانه، إلاّ القائم الذي يصلّي روح الله عيسى بن مريم خلفه، فإنّ الله يخفي ولادته ويُغيِّب شخصه، لئلاّ يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج، ذلك التاسع من وُلد أخي الحسين، ابن سيّدة الإماء، يطيلُ الله عُمَره في غيبته ثم يُظهره بقدرته في صورة شاب دون أربعين سنة...).(6)
2 ـ وروى (عليه السلام) حديثاً عن أبيه الإمام علي(ع) أخبر فيه عن ولاية بني اُمية وبِدَعِهِم وفتكهم بأعدائهم حتى قال: (... حتى يبعث الله رجلاً في آخر الزمان وكَلَب من الدهر وجَهل من الناس، يؤيّده الله بملائكته، ويَعصِم أنصاره وينصُرُه بآياته، ويُظهره على أهل الأرض حتى يَدينوا طوعاً وكرهاً، يملؤها قسطاً وعدلاً ونوراً وبرهاناً، يدين له عَرض البلاد وطولها، لا يبقى كافرٌ إلاّ آمن به، ولا طالح إلاّ صلح، وتصطلح في ملكه السباع، وتُخرِج الأرض نبتها، وتُنزل السماءُ بركتها، وتظهر له الكنوز، يملك ما بين الخافقين أربعين عاماً، فطوبى لمن أدرك أيّامه وسمع كلامه).(7)
بشائر الإمام الحسين (ع) بالمهدي (ع) ودولته
إن البشائر النبويّة بغيبة الإمام المهدي المصلح العالمي الذي وعد الله به الاُمم وخصائص دولته وأوصافه وسلسلة نسبه الشريف، قد تأكدت وتأيدت ببشائر الأئمة من أهل بيته بشكل مستمر.
وكانت عناية الأئمة من أهل البيت(عليهم السلام) بهذه القضية لا تقل عن عناية الرسول المصطفى (صلى الله عليه وآله) بها وذلك استمراراً للخط الذي اختطّه والمنهج الذي سلكه في التمهيد لدولة الحق التي تتكفل تحقيق آمال الأنبياء والأوصياء جميعاً ولو على المستوى البعيد.
وقد روى الإمام الحسين(عليه السلام) عن جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعن أبيه أمير المؤمنين(عليه السلام) مجموعة فريدة من البشائر المهمّة بشأن الإمام المهدي(عليه السلام) نختار نماذج منها:
1 ـ قال (عليه السلام): (دخلت على جدّي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأجلسني على فخذه وقال لي: إنّ الله اختار من صُلبك يا حسين تسعة أئمة تاسعهم قائمهم، وكلّهم في الفضل والمنزلة عند الله سواء).(8)
2 ـ وسأله شعيب بن أبي حمزة قائلاً: أنت صاحبُ هذا الأمر؟ فأجابه: لا، فقال له: فمن هو؟ فأجاب (عليه السلام): (الذي يملؤها عدلاً كما مُلئِت جَوْراً، على فترة من الأئمة تأتي، كما أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بُعِث على فترة من الرسل).(9)
3 ـ وقال(عليه السلام): (لصاحب هذا الأمر غيبتان إحداهما تطول حتى يقول بعضهم: مات وبعضهم: قتِل، وبعضهم: ذهب، ولا يطّلعُ على موضعه أحدٌ مِن وليّ ولا غيرهِ إلاّ المولى الذي يلي أمره).(10)
4 ـ وقال (عليه السلام): (لو لم يبق من الدنيا إلاّ يوم واحد لطوَّلَ الله عزّ وجلّ ذلك اليوم حتى يخرجَ رجلٌ من ولدي فيملأها عدلاً وقسطاً كما مُلئِت جوراً وظُلماً)، كذلك سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول.(11)
5 ـ وقال (عليه السلام): (للمهدي خمسُ علامات: السفياني واليماني والصيحةُ من السماء والخسفُ بالبيداء وقتل النفسِ الزكيّة).(12)
6 ـ وقال (عليه السلام) أيضاً: (لو قام المهديّ لأنكره الناس; لأنّه يرجع إليهم شابّاً موفّقاً، وإنّ من أعظم البليّة أن يخرج اليهم صاحبُهم شابّاً وهم يحسبونَه شيخاً كبيراً).(13)
7 ـ وقال (عليه السلام): (في التاسع من ولدي سُنّة من يوسف وسنّة من موسى بن عمران (عليه السلام) وهو قائمنا أهل البيت، يُصلح الله تبارك وتعالى أمرَه في ليلة واحدة).(14)
8 ـ وقال (عليه السلام): (إذا خرج المهدي (عليه السلام) لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلاّ السيف، وما يستعجلون بخروج المهديّ؟ والله ما لباسُه إلاّ الغليظُ ولا طعامه إلاّ الشعيرُ، وما هو إلاّ السيفُ، والموتُ تحت ظِلِّ السَيف (15).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) من الخطبة 138 من نهج البلاغة.
(2) نهج البلاغة الخطبة 138.
(3) عن بشارة المصطفى: 24 ـ 31.
(4) عن ملاحم ابن طاووس: 84 ـ 85.
(5) عن خصال الصدوق: 2 / 418. وراجع موسوعة أحاديث أمير المؤمنين، الجزء الأول ما روى عنه حول الإمام المهدي (عليه السلام). مؤسّسة نهج البلاغة.
(6) راجع معجم أحاديث الإمام المهدي (عليه السلام): 3 / 165 لتقف على مصادر هذا الحديث.
(7) معجم أحاديث الإمام المهدي: 3 / 167.
(8) موسوعة كلمات الإمام الحسين: 659 عن ينابيع المودّة: 590.
(9) المصدر السابق: 660 عن عقد الدرر: 158.
(10) موسوعة كلمات الإمام الحسين: عن عقد الدرر: 134.
(11) المصدر السابق: 661 عن كمال الدين: 317.
(12) المصدر السابق: 662 عن عقد الدرر: 111.
(13) المصدر السابق: 665 عن عقد الدرر: 41.
(14) المصدر السابق عن كمال الدين: 317.
(15) المصدر السابق: 663 عن عقد الدرر: 228.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة