النصوص الدالة على إمامة الحجة المهدي (عج)

, منذ 3 سنة 630 مشاهدة

ما تضمن أن الأرض لا تخلو من إمام وحجة على الناس

ويؤكد ذلك كله ما يستفاد من الأحاديث الكثيرة من أن الأرض لا تخلو من إمام وحجة من الله تعالى على خلقه، إما ظاهر مشهور أو خائف مغمور. وقد تقدم الحديث عنها في جواب السؤال الرابع من الأسئلة السابقة.

وكذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إن في كل خلف من أمتي عدلاً من أهل بيتي ينفي عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وإن أئمتكم قادتكم إلى الله عزوجل، فانظروا بمن تقتدون في دينكم وصلاتكم" (1).

وبعد كل ذلك كيف يشك الشاك في إمامته (صلوات الله عليه) ويجادل المجادل فيه؟!

ولذا يظهر من كثير من النصوص أنه يكفي في ثبوت إمامته (عجل الله فرجه) معرفة أنه (عليه السلام) قد ولد، وأنه موجود بسبب تعمد التكتم في ذلك، خوفاً عليه (عليه السلام). ولذا اقتصر في كثير من الأحاديث والنصوص التاريخية على بيان ولادته ووجوده (صلوات الله عليه)، وعلى شهادة جماعة برؤيتهم له (عجل الله فرجه).

بل طوائف الأحاديث السابقة وحدها قاضية بوجوده الشريف، وكافية في قيام الحجة على ذلك. وإنما وقع السؤال عنه من الشيعة وبيّن لهم، إما لعدم وضوح بعض ما سبق لبعض الناس، بسبب عدم اطلاعهم على الأحاديث السابقة، لكونها في صدور الرجال من دون أن تنتشر انتشاراً كافياً في قيام الحجة.

وإما طلباً للمزيد منه، أو تأكيداً للحجة عليهم استظهار، وإما لأن الأمور الحسية أوقع في النفس من الحسابات العقلية والأمور الغيبية.

وفي حديث لعبد الله بن جعفر الحميري. قال: "اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو (رحمه الله) (2) عند أحمد بن إسحاق... فقلت له: يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شيء. وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه، فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة... ولكني أحببت أن أزداد يقين، وإن إبراهيم (عليه السلام) سأل ربه عزوجل أن يريه كيف يحيي الموتى، قال: أو لم تؤمن؟ قال: بلى، ولكن ليطمئن قلبي.

وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته وقلت: من أعامل، أو عمن آخذ، وقول من أقبل؟ فقال له: العمري ثقتي، فما أدى إليك عني فعني يؤدي، وما قال لك عني فعني يقول، فاسمع له وأطع، فإنه الثقة المأمون. وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد (عليه السلام) عن مثل ذلك، فقال له: العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهم، فإنهما الثقتان المأمونان، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك.

قال: فخر أبو عمرو ساجد. وبكى. ثم قال: سل حاجتك. فقلت له: أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد (عليه السلام)؟ فقال: إي والله، ورقبته مثل ذ، وأومأ بيده.

فقلت له: فبقيت واحدة. فقال لي: هات. قلت: فالاسم؟

قال: محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك. ولا أقول هذا من عندي، فليس لي أن أحلل، ولا أحرم، ولكن عنه (عليه السلام)، فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولد، وقسم ميراثه، وأخذه من لا حق له فيه. وهو ذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم، أو ينيلهم شيء، وإذا وقع الاسم وقع الطلب. فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك" (3).

هذا ما وسعنا من الكلام في النصوص الدالة على إمامة الإمام المنتظر الحجة المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف). والحديث في ذلك طويل جداً متشعب، ولا يسعنا استقصاؤه. وقد ألفت فيه كتب كثيرة، فليرجع إليها من أراد المزيد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) تقدمت مصادره في بداية جواب هذا السؤال في (ما ورد في حق أهل البيت (عليهم السلام) عموم) ص:160.

(2) أبو عمرو هذا هو عثمان بن سعيد العمري السمان، أول نواب الإمام الحجة (عجل الله فرجه). وكان قبل ذلك من وكلاء جده الإمام أبي الحسن علي بن محمد الهادي، وأبيه أبي محمد الحسن ابن علي العسكري (صلوات الله عليهم). وابنه هو أبو جعفر محمد بن عثمان ـ المعروف

بالخلاني ـ وهو ثاني نواب الإمام الحجة (عجل الله فرجه)، وكان من قبل ذلك من وكلاء أبيه الإمام أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلوات الله عليه).

(3) الكافي 1: 329، 330. الغيبة للطوسي: 243 ـ 244. بحار الأنوار 51: 347 ـ 348.

*في رحاب العقيدة، المرجع الراحل السيد محمد سعيد الحكيم، ج1، ص300-303.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0591 Seconds