12 فائدة بالإمام المهدي (عجل الله فرجه) في عصر الغيبة

, منذ 9 شهر 603 مشاهدة

يختلف زمن الغيبة عن الحضور خصوصاً في الكبرى، وهذا الاختلاف اقتضى اختلافاً في توزيع الوظائف وتجدُّد أُخرى، والبحث تارةً في التكليف والوظائف في جانب الإمام (عجّل الله فرجه) وقد يُعبَّر عنها بفوائد وجوده المبارك في عصر الغيبة الكبرى، وأُخرى في تكاليف ووظائف المكلَّفين فيها.

قد يرد: كيف يُنتَفع منه وهو غائب؟

قلت: قد أجاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن ذلك بقوله: «... إنَّهم يستضيئون بنوره وينتفعون بولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإنْ تجلَّلها سحاب...»(1).

وعن سليمان بن مهران الأعمش، عن الإمام الصادق (عليه السلام): ... قال سليمان: فقلت للصادق (عليه السلام): فكيف ينتفع الناس بالحجَّة الغائب المستور؟ قال: «كما ينتفعون بالشمس إذا سترها السحاب»(2).

وقال هو (عجّل الله فرجه) عن ذلك في توقيعه المشهور إلى إسحاق بن يعقوب: «... وأمَّا وجه الانتفاع بي في غيبتي، فكالانتفاع بالشمس إذا غيَّبها عن الأبصار السحاب...»(٣).

والانتفاع بالشمس الغائبة خلف السحاب مدرَك بالوجدان والضرورة.

البحث الأوَّل: من آثار وفوائد ومهامّ مترتِّبة على وجود الإمام (عجّل الله فرجه) في عصر الغيبة الكبرى، حيث دلَّت العديد من الروايات على أنَّ لوجود الإمام (عليه السلام) وإنْ كان غائباً لا يُرى عدَّة فوائد في غاية الأهمّيَّة نشير إليها ضمن نقاط:

١ - وجوده ضرورة لمعرفة الله تعالى وعبادته:

في عدَّة روايات منها عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام): «إنَّما يعرف الله (عزَّ وجلَّ) ويعبده من عرف الله وعرف إمامه من أهل البيت، ومن لا يعرف الله (عزَّ وجلَّ) و[لا] يعرف الإمام منَّا أهل البيت فإنَّما يعرف ويعبد غير الله، هكذا والله ضُلَّالاً»(4).

فوجود الإمام (عليه السلام) موجب لمعرفة الله تعالى وعبادته والخروج من الضلال.

٢ - معرفته شرط لقبول الأعمال:

فقبول الأعمال منوط بمعرفة الإمام (عليه السلام) - وليس حضوره، كما ربَّما قد يُتوهَّم -، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله (عزَّ وجلَّ): ﴿وَللهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠]، قال: «نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلَّا بمعرفتنا»(5).

٣ - وجود الإمام لمعرفة الحقِّ من الباطل:

وممَّا دل على ذلك ما رواه أبو بصير عن أحدهما (عليهما السلام): «إنَّ الله لم يدع الأرض بغير عالم، ولولا ذلك لم يُعرَف الحقُّ من الباطل»(6)، وهي صريحة في أنَّ وجود الإمام (عليه السلام) لمعرفة الحقِّ من الباطل.

٤ - وجوده لمعرفة الحلال والحرام:

وممَّا روي في ذلك عدَّة روايات، منها: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «ما زالت الأرض إلَّا ولله فيها حجَّة، يعرف الحلال والحرام، ويدعو الناس إلى سبيل الله»(7).

بتقريب: أنَّ وجود الحجَّة وإنْ كان غائباً ممَّا له أثر في حفظ الشريعة ومعرفة الحلال والحرام والدعوة إلى سبيل الله تعالى وإنْ لم نعرف كيفيَّة ذلك تفصيلاً، فالغيبة لا تمنع من ممارسة دوره المناط به بالكيفيَّة المتناسبة مع الغيبة.

٥ - وجوده لحفظ الشريعة من الزيادة أو النقصان:

وممَّا ورد في ذلك عدَّة روايات، منها: عن أبي عبد الله (عليه السلام): «إنَّ الأرض لا تخلو إلَّا وفيها إمام، كيما إنْ زاد المؤمنون شيئاً ردَّهم، وإنْ نقصوا شيئاً أتمَّه لهم»(8).

وتقريبه: بما تقدَّم فإنَّ وجود الإمام (عليه السلام) في حفظ الدِّين من الزيادة والنقصان في الجملة ممَّا لا شكَّ فيه.

نعم، ليس بيدنا طريقة حفظه للدِّين، كما ليس بيدنا طريقة حفظ الله تعالى للدِّين ونصرة المؤمنين وتسيير أُمور الكون وما إلى ذلك.

٦ - وجوده للشهادة على أعمال الناس:

روى الكليني (رحمه الله) عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن بريد العجلي، عن أبي جعفر (عليه السلام): «... ونحن الشهداء على الناس، فمن صدَّق يوم القيامة صدَّقناه، ومن كذَّب كذَّبناه»(9).

٧ - وجوده لضرورة المعيَّة مع القرآن الكريم في كلِّ زمان:

فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «... وجعلنا مع القرآن وجعل القرآن معنا، لا نفارقه ولا يفارقنا»(10).

بتقريب: أنَّ معيَّة الإمام (عليه السلام) مع القرآن حتَّى في غيبته ضرورة لحفظ القرآن من التحريف، وهو ممَّا نصَّ عليه حديث الثقلين المتواتر.

٨ - وجوده لأجل هداية الناس:

فعن أبي عبد الله (عليه السلام): «... كلُّ إمام هادٍ للقرن الذي هو فيهم»(11)، وفي الخبر الذي بعده: «... ولكلِّ زمان منَّا هادٍ يهديهم...، ثمّ الهداة من بعده عليٌّ، ثمّ الأوصياء واحد بعد واحد»(12).

وإنْ كان بنحو الهداية التكوينيَّة.

٩ - مسك السماء والأرض بالإمام، وبه ينزل الغيث وتُنشَر الرحمة:

فعن الإمام الرضا (عليه السلام): «نحن حُجَج الله في خلقه، وخلفاؤه في عباده، وأُمناؤه على سرِّه، ونحن كلمة التقوى، والعروة الوثقى، ونحن شهداء الله وأعلامه في بريَّته، بنا يُمسِك الله السماوات والأرض أنْ تزولا، وبنا يُنزِل الغيث وينشر الرحمة، ولا تخلو الأرض من قائم منَّا ظاهر أو خافٍ، ولو خلت يوماً بغير حجَّة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله»(13).

١٠ - وجوده لأجل نزول الرزق:

فعن أبي عبد الله (عليه السلام): «... بنا أثمرت الأشجار، وأينعت الثمار، وجرت الأنهار، وبنا ينزل غيث السماء، وينبت عشب الأرض، وبعبادتنا عُبِدَ الله، ولولا نحن ما عُبِدَ الله»(14).

١١ - وجوده لأجل دفع البلاء وخروج البركات:

عن أبي محمّد الحسن بن عليٍّ (عليه السلام): «... يا أحمد بن إسحاق، إنَّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم (عليه السلام)، ولا يخليها إلى أنْ تقوم الساعة من حجَّة لله على خلقه، به يدفع البلاء عن أهل الأرض، وبه يُنزل الغيث، وبه يُخرج بركات الأرض...»(15).

١٢ - وجوده لأجل استجابة الدعاء:

فعن أبي جعفر (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في حديثه مع أمير المؤمنين (عليه السلام): «... قال: الأئمَّة من ولدك...، وبهم يُستجاب دعاؤهم، وبهم يصرف الله عنهم البلاء، وبهم تنزل الرحمة من السماء، وهذا أوَّلهم - وأومأ بيده إلى الحسن (عليه السلام)، ثمّ أومأ بيده إلى الحسين (عليه السلام) -، ثمّ قال (عليه السلام): الأئمَّة من ولده»(16).

اتَّضح أنَّ فائدة وجوده لا تقتصر على حضوره (عجّل الله فرجه)، فوجوده بين الناس ضرورة لا يمنع منها خفاء عنوانه وعدم معرفته في غيبته، وهناك وظائف وفوائد أُخرى تأتي في دراسة أوسع إنْ شاء الله تعالى.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كمال الدِّين (ص٢٥٣/ باب ٢٣/ ح٣).

(2) كمال الدِّين (ص٢٠٧/ باب ٢١/ ح٢٢).

(3) كمال الدِّين (ص٤٨٣ - ٤٨٥/ باب ٤٥/ ح٤).

(4) الكافي (ج١/ ص١٨١/ باب معرفة الإمام والردِّ إليه/ ح٤).

(5) الكافي (ج١/ ص١٤٣ و١٤٤/ باب النوادر/ ح٤).

(6) الكافي (ج١/ ص١٧٨/ باب أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة/ ح٥).

(7) الكافي (ج١/ ص١٧٨/ باب أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة/ ح٣).

(8) الكافي (ج١/ ص١٧٨/ باب أنَّ الأرض لا تخلو من حجَّة/ ح٢).

(9) الكافي (ج١/ ص١٩١/ باب أنَّ الأئمَّة شهداء الله (عزّ وجلّ) على خلقه/ ح٤).

(10) الكافي (ج١/ ص١٩١/ باب أنَّ الأئمَّة شهداء الله (عزّ وجلّ) على خلقه/ ح٥).

(11) الكافي (ج١/ ص١٩١/ باب أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) هم الهداة/ ح١).

(12) الكافي (ج١/ ص١٩١ و١٩٢/ باب أنَّ الأئمَّة (عليهم السلام) هم الهداة/ ح٢).

(13) كمال الدِّين (ص٢٠٢ و٢٠٣/ باب ٢١/ ح٦).

(14) الكافي (ج١/ ص١٤٤/ باب النوادر/ ح٥).

(15) كمال الدِّين (ص٣٨٤/ باب ٣٨/ ح١).

(16) كمال الدِّين (ص٢٠٦ و٢٠٧/ باب ٢١/ ح٢١).

المصدر : دروس استدلالية في العقيدة المهدوية ـ تأليف : الشيخ حميد عبد الجليل الوائلي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1082 Seconds