رؤية الإمام المهدي (عج) حالياً ممكنة أو مستحيلة ؟

, منذ 4 يوم 99 مشاهدة

إنّ حلّ الجدل القائم بين العلماء حول إمكانيّة رؤية الإمام المهديّ (عجَّل الله فرجه الشريف) يبتني على التمييز بين نوعين من الرؤية:

١ - الرؤية بمعنى ادّعاء السفارة الخاصّة، التي كانت في زمن الغيبة الصغرى، بحيث يكون مدّعي الرؤية سفيراً وواسطة بين الناس وإمامهم. فهذه يحكم باستحالتها لما جاء في توقيع المولى (عجَّل الله فرجه الشريف) للسمريّ: "وسيأتي من شيعتي من يدّعي المشاهدة, ألا من ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة, فهو كاذب مفترِ"(1).

٢ - الرؤية غير المقترنة بنيابة خاصّة، فهذه الرؤية ممكنة، ودلّ عليها الكثير المشاهدات التي حصلت لكبار علمائنا ولأناس عاديين معروفين بحسن السيرة، كانت لهم ظروف خاصّة منحتهم متعة النظر إلى نور الإمامة.

١ - يقول السيّد المرتضى (٣٥٥ - ٤٣٦هـ): "... إنّه غير ممتنع أن يكون الإمام يظهر لبعض أوليائه ممّن لا يخشى من جهته شيئاً من أسباب الخوف، وإن هذا لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه"(2).

٢ - يقول صاحب كنز الفوائد الشيخ الكراجكي (ت ٤٤٩هـ): في معرض بيان الفائدة من وجود الإمام رغم غيبته: "ولسنا مع ذلك نقطع على أن الإمام لا يعرفه أحد ولا يصير (يصل) إليه، بل قد يجوز أن يجتمع به طائفة من أوليائه تستر اجتماعها به وتخفيه"(3).

٣ - يقول الشيخ الطوسي (٣٥٨ - ٤٦٠هـ): في مقام الإجابة عن سؤال يتعلّق برؤيته (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف): "وما ينبغي أن يقال في الجواب هو أنّنا لا نقطع استتاره عن جميع أوليائه، بل يجوز أن يظهر لأكثرهم"(4).

كذلك تبنّى القول بإمكانية الرؤية ووقوعها السيّد بحر العلوم، والمحدّث النوري صاحب المستدرك، والسيّد محسن الأمين.

وما هذا إلاّ جانب ممّا يجده المتتبع في هذا المجال، لذا يمكن الجزم بالإجماع على إمكان الرؤية ووقوعها. ولم نجد أحداً من العلماء يتبنّى القول بعدم إمكان رؤيته.

أما المنفي فهو أمران:

الأول: أن يدّعي شخص النيابة الخاصّة، على غرار ما كان الأمر عليه في الغيبة الصغرى.

الثاني: أن يدّعي شخص ظهوره وانتهاء الغيبة الكبرى التي لا تنتهي إلا بالسفياني والصيحة.

فرؤية الإمام إذاً ممكنة ولكنّها بحاجة إلى عمل صالح وقلب نقيّ ونيّة صادقة وقابلية إيمانيّة وافرة. فإنّه يرانا ولكنّنا لا نراه للحجب والموانع التي اصطنعناها لأنفسنا باتباعنا خطوات المعاصي وانغماسنا في وحول الملذّات.

"وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذ غيّبتها عن الأبصار السحاب"(5)...

عن زرارة قال: سمعت أبا عبد الله يقول: "يفقد الناس إمامهم، يشهد الموسم (أي في الحج)، فيراهم ولا يرونه"(6)، وقد أكّد ذلك أحد سفراء الإمام المهدي (عجَّل الله تعالى فرجه الشريف) محمَّد بن عثمان العمري رضوان ال بقوله: "والله، إنّ صاحب هذا الأمر ليحضر الموسم كلّ سنّة، يرى الناس ويعرفهم، ويرونه ولا يعرفونه"(7).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص ٥١٦.

(2) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج ٥٣، ص ٣٢٣.

(3) أبو الفتح الكراكجي، كنز الفوائد، ص ٣٠٢.

(4) العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج ٥٣، ص ٣٢٣.

(5) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص ٤٨٥.

(6) الشيخ الكليني، الكافي، ج ١، ص ٣٢٧.

(7) الشيخ الصدوق، من لا يحضره، ج ٢، ص٥٢٠.

المصدر : معز الأولياء ـ إعداد : مركز نون للتأليف والترجمة.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0640 Seconds