ما هي الأشياء قام بها الإمام المهدي وهو في غيبته ؟

, منذ 1 سنة 868 مشاهدة

إن غيبة الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ليست فقط لن تمنعه عن أداء رسالته، والقيام بوظيفته، بل هي خير معين له على ذلك، فلو كان ظاهراً للناس معروفاً بينهم لأصبح مهدداً بالقتل، مطارداً من قبل الطغاة والمجرمين، مما يضطره إلى الابتعاد، والاختفاء عنهم في الملاجئ، وحينها لن يتمكن من القيام بأي دور في الحياة، ولكن غيبته المباركة منحته الأمن والطمأنينة، ومكنته من القيام بأعماله الإصلاحية على أكمل وجه، فكم له عليه السلام وهو في غيبته من مساعدة محتاج، وإرشاد ضال، وتفريج هم، وكشف كرب، ومعالجة مريض، وحل مشاكل، وتعليم عالم مسألة يجهل حلها... إلى ما هنالك من أمور وقضايا وقفنا على بعضها، وربما ما خفي عنا منها أكثر وأكبر وأعظم.

والاستطراد في سرد ما وقفنا عليه من حوادث متنوعة تدخل فيها الإمام المهدي كثيرة جدا، لكننا نعرض عن نقلها حتى لا نطيل أكثر مما أطلنا، ومن أراد الوقوف عليها فليرجع إلى المصادر التي تتناول هذا الموضوع.

ومن المهم أن نشير إلى هذه الحوادث إن لم تكن في آحادها متواترة، فإنها بمجموعها تفيد التواتر، المفيدة للعلم والقطع، وقد قال لطف الله الصافي في ص411 من كتابه (منتخب الأثر) بعد نقله بعضا من هذه الحوادث والقضايا الكثيرة: (وقد ذكر في البحار حكايات كثيرة جداً في ذلك، وهكذا ذكر المحدث النوري في دار السلام، وجنة المأوى، والنجم الثاقب، والفاضل الميثمي العراقي في دار السلام، وغيرهم من المحدثين والعلماء معجزات كثيرة تتجاوز عن حد التواتر قطعاً، وإسناد كثير منها في غاية الصحة والمتانة، رواها الزهاد الأتقياء من العلماء، هذا مع ما نرى في كل يوم وليلة من بركات وجوده، وثمرات التوسل والاستشفاع به مما جربناه مراراً، جعلنا الله من أنصاره وشيعته، والمجاهدين بين يديه، بحق محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين)

جهلنا بكيفية قيامه بوظيفته ليس حجة:

وكما رأينا فإن الأدلة والشواهد تؤكد أن غيبة الإمام المهدي لا تمنعه عن القيام بوظيفته، ومع ذلك فحتى لو سلمنا أننا نجهل كيفية قيامه بتلك الوظيفة فالجهل ليس حجة لنحتج به.

وعليه فإذا ثبتت عندنا ولادة الإمام المهدي وغيبته، وجب علينا الاعتقاد بذلك، ولا يجب أن نعلم كيفية قيامه بوظيفته وهو في غيبته، ولا ما يترتب على هذه الغيبة من منافع ومصالح، ويكفينا أن نعلم أن ذلك من فعل الحكيم المنزهة أفعاله سبحانه عن العبث، والمعللة بالغايات والمصالح.

وهذا هو عين ما أجاب به الإمام الصادق عبد الله بن الفضل الهاشمي حين سأله عن حكمة غيبة الإمام المهدي، فقد كان مما قال له في جوابه كما في الجزء الثاني ص471 من الاحتجاج: (يا بن الفضل، هذا الأمر أمر من أمر الله، وسرّ من سرّ الله، وغيب من غيب الله، ومتى علمنا أنه عز وجل حكيم، صدّقنا بأن أفعاله كلها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف لنا)

والإمام المهدي نفسه يبين لنا أن العلم بحكمة غيبته أو كيفية قيامه بوظيفته ليس واجباً علينا، وينصحنا بعدم السؤال عما لا يعنينا، ويبين لنا أن ما يجب علينا هو الدعاء له بتعجيل الفرج فيقول لمن سأل عن حكمة غيبته كما في الجزء الثاني ص471 من الاحتجاج: (أغلقوا أبواب السؤال عما لا يعنيكم، ولا تتكلفوا علم ما قد كفيتم، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن في ذلك فرجكم)

ومع هذا فهو عليه السلام يبين لنا أنه -وإن كان في غيبته- إلاّ انه ليس غائباً عنا، وانه يرعانا، ويعمل من أجل صالحنا، ولولا ذلك وإلا لهلكنا، فيقول كما في الجزء الثاني ص497-498 من الاحتجاج: (نحن وإن كنا نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين، حسب الذي أرانا الله تعالى لنا من الصلاح، ولشيعتنا المؤمنين في ذلك ما دامت دولة الدنيا للفاسقين، فإنا نحيط علماً بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم، ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم مذ جنح كثير منكم إلى ما كان السلف الصالح عنه شاسعاً، ونبذوا العهد المأخوذ وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون.

إنا غير مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم، ولولا ذلك لنزل بكم اللأواء -أي الشدة والضيق- واصطلمكم -أي استأصلكم- الأعداء، فاتقوا الله جل جلاله، وظاهرونا على انتياشكم -أي على إنقاذكم- من فتنة قد أنافت -أي طالت وارتفعت- عليكم، يهلك فيها من حمّ -أي قرب- أجله، ويحمى عنها من أدرك أمله، وهي أمارة لأزوف -أي قرب- حركتنا، ومباثتكم بأمرنا ونهينا، والله متم نوره ولو كره المشركون)

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0556 Seconds