إمكانية إقامة دولة عالمية موحدة في زمن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)

, منذ 1 يوم 83 مشاهدة

مقدمة

تُعدّ فكرة الدولة العالمية الموحدة في زمن الإمام المهدي (عج) من المفاهيم المحورية في العقيدة المهدوية، خصوصًا في المذهب الإمامي الاثني عشري. وتتمثل هذه الدولة في قيادة إلهية عادلة تشمل العالم كله، بعد أن تملأ الأرض ظلماً وجورًا. وهذا المفهوم ليس مجرد حلم طوباوي، بل قائم على أحاديث وروايات عديدة تؤكده وتبيّن ملامحه وشروطه.

أولًا: الأساس العقائدي لفكرة الدولة العالمية

ترتكز فكرة الدولة العالمية للإمام المهدي على مجموعة من المرتكزات الدينية، أبرزها:

الوراثة الإلهية للأرض:

قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105].

هذه الآية تُفَسَّر في روايات أهل البيت بأنها وعد إلهي بحكومة المهدي عليه السلام.

الروايات المتواترة عن الإمام المهدي:

منها قول النبي (ص): "لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما مُلئت ظلمًا وجورًا ".

ثانيًا: ملامح الدولة العالمية في عصره

1. العدالة الشاملة:

لا تقتصر عدالة المهدي على الجانب القضائي، بل تشمل توزيع الثروات، إلغاء التمييز الطبقي، وتوفير الحقوق للجميع.

يقول الإمام الباقر (ع): "إذا قام قائمنا وضع يده على رؤوس العباد، فجمع بها عقولهم، وكملت بها أحلامهم."

2. قيادة موحّدة للبشرية:

يتولى الإمام المهدي الحكم بنفسه، ويساعده 313 من خيرة أصحابه، والذين سيكونون بمثابة وزراء أو قادة عالميين.

كما أن الحكم لن يكون عنصريًا أو طائفيًا، بل إنسانيًا قائمًا على القرآن والعقل والرحمة.

3. التطور العلمي والتكنولوجي:

ورد في بعض الروايات أن الإمام سيكشف للناس علومًا مخزونة، وأنه يُخرج الأرض بركاتها، وقد فسّرها بعض العلماء بأنها فترة ازدهار علمي وتقني كبير.

ثالثًا: هل هي دولة واقعية أم مثالية؟

يرى بعض المفكرين أن الدولة المهدوية ليست utopia بل مشروع إلهي قابل للتحقق، لعدة أسباب:

الدعم الإلهي المباشر للإمام المهدي وجنوده.

انهيار الأنظمة العالمية الجائرة قبل ظهوره، ما يُهيّئ الأرض لحكومة عادلة.

التوق الإنساني العالمي للعدل، خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية والحروب المعاصرة.

رابعًا: الوسائل التي يعتمدها الإمام

السيف والقوة عند الضرورة، كما ورد أنه يقاتل الظالمين ويطهر الأرض منهم.

الحوار والمنطق والعقل مع أهل الفكر والدين، مما يؤدي إلى دخول كثير من الأمم تحت رايته طوعًا.

الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي، بتقويم القيم المنحرفة ونشر الثقافة الإلهية.

خامسًا: مواقف الناس من دولته

المؤمنون: يستبشرون بقيادته ويلبون نداءه من كل أقطار الأرض.

المنحرفون والمستكبرون: يعارضونه، وقد يشنّون حروبًا ضده، لكن سرعان ما يُهزمون.

العامة من الناس: سيقبلون به لما يرونه من عدل وكرامة ورحمة.

خاتمة

الدولة العالمية الموحدة في زمن الإمام المهدي (عج) ليست مجرد فكرة دينية أو أسطورة ميثولوجية، بل مشروع إلهي حتمي في العقيدة الإسلامية، سيتحقق في زمن مخصوص، عبر شخصية ربّانية مؤيدة من الله. هذه الدولة ستغير مجرى التاريخ، وتفتح للبشرية باب الأمل، بعد أن تُطفأ نار الظلم والفساد. إنها دولة الإنسان، ودولة العقل، ودولة العدل الإلهي.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0681 Seconds