الإمام المهدي (عج) يشرح سبب غيبته

, منذ 1 سنة 1K مشاهدة

السيد منير الخباز

هناك حكمة ترجع للإمام نفسه من جهة الغيبة، ماهي الحكمة؟ الحكمة هي التي أشار إليها عجل الله تعالى فرجه الشريف في قوله لسفيره محمد بن عُثمان العمري حيث كتب سفيره له: «ما هو وجه الغيبة» يسأل عن سبب غيبته، فقال الإمام عجل الله فرجه الشريف: «وأما وجه غيبتي فإنه لم يكُن أحدٌ من آبائي إلا وفي عنقه بيعة لطاغية من طواغيت عصره، وأما أنا فأخرج حين أخرج وليس في عنقي بيعة لأحد من الطواغيت» بمعنى أن دوره مختلف عن دور آبائه، فدور آبائه كان دور التعليم والإرشاد والإعداد للدولة الخاتمة، لذلك لم يكن من المنقصة أن يُجبر أحد من آبائه على بيعة طاغية زمانه وأن يُكره أحد من آبائه على بيعة طاغية زمانه، أما الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف فدوره دور إزالة الظلم، دوره إقامة الدولة الخاتمة، دوره القضاء على الظلم كله، إذا كان دوره القضاء على الظلم كله فلا ينسجم معي أن يكون في عنقي بيعة لظالم..

إذن دوره يختلف عن دور آبائه، آباؤه المعصومون  كان دورهم محدوداً وهو الإعداد للدولة لذلك من الممكن أن يبايعوا الظالم إكراهًا وإجبارًا، لم يكن أحد من آبائه إلا وفي عنقه بيه بالقسر والإجبار، حتى الإمام الحسين الذي رفض بيعة يزيد أُخذت منه بيعة معاوية، فلا يوجد إمام مرّ عليه عصر إلا وأخذت منه بيعة لظالم قسرًا عليه..

إذن الإمام المنتظر عجل الله فرجه الشريف يقول أن دوره القضاء على الظلم وهذا الدور يتوقف على أن لا يكون في عنقه بيعة لظالم ولو كانت بيعة إكراهية، لذلك شاء الله غيبته واختفائه كي لا يكون في عنقه بيعة لظالم أو لأحد من الطواغيت..

ماذا نستفيد من الغيبة ؟

ربما يُقال أن الغيبة ضرر وليست نفعاً لأن الغيبة خلقت تيارات متصارعة وفِرقاً من المسلمين متحاربة وأوجبت ارتداداً عند قسم من الناس عن الدين أو عن التشيع، إذًا الغيبة ضرر وليست نفعًا بالنسبة للأمة..

نقول لا، هذا السؤال يرد أيضًا على الفترة التي تقع بين النبي عيسى والنبي محمد ، ففي هذه الفترة أيضاً ارتدَّ أناس، تكثروا، تحاربوا، تحولوا إلى فِرق مختلفة وهذا مرَّ على جميع الفترات بين الأنبياء وهذا السؤال يرد، والجواب:

الغيبة بالنسبة لنا امتحان، الغيبة بالنسبة لنا اختبار عسير، الغيبة بالنسبة لنا غربلة يُعرف منها الثابت من غيره، الغيبة بالنسبة لنا امتحانٌ لإرادتنا، امتحانٌ لصمودنا، امتحانٌ لمقدار ثباتنا واصرارنا على مبادئنا..

جابر الجعفي يسأل الإمام الباقر : «متى فرجكم؟» قال: «هيهات هيهات لا يكون فرجُنا حتى تُغربلوا ثم تُغربلوا ثم تُغربلوا  قالها ثلاثًا  حتى يزيل الله الكدر ويُبقي الصفوة»..

وفي رواية أخرى عن الإمام العسكري : «إن ولدي هذا هو القائم من بعدي وأن فيه سنن الأنبياء من التعمير والغيبة وإنه لا يظهر إلا بعد قسوة القلوب وطول الأمد ولا يبقى على القول به إلا من كتب الله في قلبه الإيمان وأيده بروحٍ منه» اذن الغيبة غربلة لنا وتنظيف لنا واختبار لإرادتنا ومدى ثباتنا، نحن لا ندعوا لليأس ولا ندعوا للتشاؤم نحن ندعوا للتفاؤل، الانتظار تفاؤل لأن الانتظار اعدادٌ للدولة الخاتمة وليست تعطيلاً للعمل..

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1355 Seconds