هل غيبة الإمام المهدي المنتظر أمر إعجازي أم أمر طبيعي؟

, منذ 2 سنة 695 مشاهدة

السيد منير الخباز 

سنطرح في هذا المحور ثلاثة اسئلة ونجيب عنها:

السؤال الأول: هل غيبة الإمام المهدي بحيث لا يعرفه أحد أمرٌ إعجازي أم أنه أمرٌ طبيعي؟ يعني هل يمكن أن يصل إليه الظالمون باعتداء أو أذى أم لا يمكن لأن الغيبة إعجازية؟
لا الغيبة ليست إعجازية بل طبيعية، كيف طبيعية وليست إعجازية؟ ذكرنا في الليالي السابقة أن المهدي يعيش مع الناس، يأكل، يشرب، يسافر، يتزوج، يمرض، يشفى، يتعب، يرتاح، يحزن، يفرح، يعيش مع الناس العيشة الطبيعية تمامًا، الغائب هو عنوانه فقط والناس لا يعرفون أن هذا هو المهدي بن الحسن وإلا فهو مع الناس يعيش بعيشتهم، والروايات تدلنا على ذلك، مثلاً ما ورد عن بعض سفرائه: «إن لصاحب هذا الأمر ليأتي الموسم  يعني الحج  كل سنة، يرى الناس ولا يرونه  يعني لا يرونه بصفته الشخصية  ويعرفهم ولا يعرفونه»..
وفي رواية معتبرة عن الإمام الصادق  يقول: «إن للقائم سُنَّة من موسى، وسُنَّة من يوسف، وسُنَّة من عيسى، وسُنَّة من محمد ، فأما سُنَّته من موسى فخائفٌ يترقب  يعني أنه في معرض نيل الظالمين، لو لم يكن في معرض نيل الظالمين لما كان خائفًا يترقب وهذا يعني أن غيبته غيبة طبيعية والظالمون يمكن أن يصلوا إليه ولذلك فهو في حال حذر وفي حال رقابة شديدة  وأما سُنَّته من يوسُف فإن إخوة يوسُف كانوا يبايعونه ويخالطونه ولا يعرفونه  لا يعلمون أنه يوسُف  وكذلك قائم آل بيت محمد يخالطه الناس ولا يعرفونه، وأما سُنَّته من عيسى فهو السياحة يتنقل من بلد إلى بلد ومن مكان إلى مكان  لا يستقر في مكان  وأما سُنَّته من النبي  فهو السيف  كما ذكرنا محاضرة سابقة تحت عنوان «دولة الرحمة لا دولة العنف» أن المهدي يخوض فترة قتالية مدتها ثمانية أشهر لتطهير الأرض من براثن الكفر والنُصب كما ذكرت الروايات «حتى يملأ الأرض قسطًا وعدلاً»..

إذن غيبة المهدي غيبة طبيعية ويؤكد ذلك الدعاء الذي نقرأه كل ليلة «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ» هذا الدعاء واردٌ عنه وهو الذي علمنا هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحُجَّةِ بْنِ الحَسَنِ صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلى آبائِه فِي هذِهِ السّاعَةِ وَفِي كُلِّ ساعةٍ وَلِيّاً وَحافِظاً» يعني ندعوا له بالحفظ، فلو كانت غيبته إعجازية ولا يمكن أن يصل إليه الظالمون لما كان هناك حاجة لأن يُدعى له بالحفظ، إذًا غيبته غيبة طبيعية وليست في مأمن من الظالمين والمعتدين لولا دعاء الخُلَّص المؤمنين له بالحفظ..

السؤال الثاني: إذا كانت الغيبة طبيعية فهل الغيبة لعاملٍ بشري أو لتخطيطٍ سماوي؟
الغيبة غيبتان: غيبة صغرى وغيبة كبرى

الغيبة الصغرى: هي التي امتدت 69 سنة، من سنة 260 هـ  إلى سنة 329 هـ ، والغيبة الصغرى كانت غيبة لعاملٍ بشري بمعنى أن المهدي لما هُجم على داره من قِيل الظالمين للبحث عنه اختفى، هذا الاختفاء كان اختفاءً لعاملٍ بشري وهو سلطنة الظالمين عليه، لكنه ظلَّ يتصل بالأمة عبر سفراء أربعة:

عُثمان بن سعيد العمري.
محمد بن عُثمان.
حسين بن روح.
علي بن محمد السُمري.
ثم قطع الاتصال وتحولت الغيبة إلى غيبة كُبرى والغيبة الكبرى تخطيطٌ هادفٌ منه بإرادة سماوية، اتخذ الغيبة التامة وكان بإمكانه أن يبقى على الغيبة الصغرى التي تعتمد على الاتصال بينه وبين الناس عن طريق السفراء سفيرًا بعد سفير، هو الذي قطع مسألة السفارة واتخذ مبدأ الغيبة الكبرى واتخاذه لمبدأ الغيبة الكبرى تخطيط منه تابع لإرادة السماء وليس عملاً بشريًا..

كتب إلى آخر سفير له علي بن محمد السمري: «يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميِّت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصي لأحد يقوم مقامك بعد وفاتك فقد وقعت الغيبة التامة، ولا ظهور إلا بإذن الله وذلك بعد قسوة القلوب وطول الأمد» إذن الغيبة تخطيطٌ هادفٌ سماويٌ من قِبله عجل الله تعالى فرجه الشريف..

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0594 Seconds