هل شاهدنا الإمام المهدي (عج) ونحن لا نعرفه ؟

, منذ 2 سنة 933 مشاهدة

في زماننا هذا، فإن الأمام المهدي من أهل البيت هو خليفة الله في أرضه، كمـا هـو واضـح مـن الروايات المستفيضة عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، منها قوله: «فإن فيها خليفة الله المهدي» (1)، ولذا نجد المناوي في كتابه (فيض القدير) في ذيل هذه الرواية يشير إلى أن الإمام المهـدي هـو الإنسان الكامل، وهو خليفة الله في أرضه، حيث قال: «فإن قلت ما حكمة إضافته إلى الله، وهلا قال الخليفة ؟ قلت: هو إشارة إلى أنه إنسان كامل قد تجلى عن الرذائل، وتحلى بالفضـائل، ومحـل الاجتهاد والفتوة، بحيث لم يفته إلا مقام النبوة، (2).

إلا أن الأمر المهم الذي ينبغي الالتفات إليه، هو أنه ل غائب مستور، إذ أن الإمام المهـدي لا يمتاز عـن بقيـة آبائه ها بخصوصية إضافية، وهي أن الإرادة الإلهيـة شاءت أن يقام العدل في هذه الأرض على يده المباركة، وشاءت أيضاً أن لا يكون قيام العدل إلا ضمن الشروط الطبيعية لا بالطريق الإعجازي وحيث إن الظهور وإقامة العدل مـن طرقهـا الطبيعية التي أرادها الله تعالى لها غير متوفرة إلى يومنا الحاضر، فلا بد استمرار الغيبة، والخفاء حتى توفر شرائط الظهور ويأذن الله عزوجل بالظهور، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى إن وجود الإمام المهدي ظاهراً بين الناس يجعله عرضة للقتـل ومن هنا كانت الغيبة للإمام، وحفظه من كيد الأعداء، لطفـاً مـن الله تعالى بعباده، من أجل تحقيق الهدف الإلهي وثمرة الأديان بإقامة العدل والقسط في الأرض، كما قال الله تعالى: «لقد ارسلنا رسلنا بالبينات وأنرت معهم الكتاب والميزان لـقـوم النـاس بالقسط) (3).

ومما تقدم يتبين أن غيبة الإمام الحجة : إنما هي حالة استثنائية في حياة البشرية، وبالخصوص في حياة الأمة الإسلامية ـ لأن الحالة الطبيعيـة هـي وجـوده بين أشياعه وأتباعه يتعاطى معهم بشكل معلن ومباشر ـ وذلك من أجل الحفاظ عليه، وادخاره لذلك اليوم الموعود.

حقيقة الغيبة خفاء الهوية والعنوان لإخفاء الشخصية لا شك أن الحالات الاستثنائية يقتصر فيها على ما ترتفع به الضرورة، وحيث إن الضرورة هـي احتجابه عن الناس، بما يوجب نجاته والمحافظة عليـه مـن بـراثن الظلم والعدوان، فمقـدار الغيـبة حينئذ يقتصر فيه على خفاء العنوان، واستتار الهوية ليس أكثر، وإن كانت الضرورة قـد تقتضي خفاء المعنون أيضاً على ما أشارت إليـه بعـض الروايات؛ لأن هذا المقـدار مـن الغيـة كـاف لرفع حالة الاستثناء، فهو موجود بشخصه الكريم في وسط الناس، وليست غيبته باختفاء جسمه عن الأنظار، كاختفاء الجن، أو الملائكة أو غير ذلك، بل إن النـاس يـرون الإمـام المهدي بشخصه المبارك، ولكـن مـن دون أن يكونوا عارفين له أو ملتفتين إلى حقيقته وشخصه وهويته، وهذا ما نصت عليه جملة من الروايات:

منها: ما ورد عن الإمام علي ، حيث قال: «إذا غـاب المتغيب من ولدي عن عيون الناس، وماج الناس يفقده، أو يقتله.

أو بموته، اطلعت عليه الفتنة، ونزلت البلية... فورب علي إن حجتها عليها قائمة، ماشية في طرقها، داخلة في دورها وقصورها، جوالة في شرق هـذه الأرض وغريبهـا، تـمـع الكلام وتـلم على الجماعة، ترى ولا تُرى، إلى الوقت والوعد، ونداء المنـادي مـن السماء، ألا ذلك يوم فيه سرور ولد علي وشيعت " وهذه الروايـة أكـدت على خفاء العنوان كمـا هـو واضـح وإن أشارت في الأثناء إلى خفاء العنوان والمعنون معاً أيضاً في بعض الأحيان.

ومنها: ما جاء عن الإمام الصادق ليلة، حيث قال: «فما تنكر هذه الأمة أن يكون الله يفعل بحجته . ما فعـل بيـوسـف، وأن يكون صاحبكم المظلوم، المجحود حقه، صـاحب الأمر يتردد بينهم، ويطأ فرشهم، ولا يعرفونه، حتى بأذن الله له أن يعرفهم نفسه، كما أذن ليوسف، حين قال له إخوته: (أأنك لأنت يوسف قال أنا يوسف) (4) (5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- مسند أحمـد، أحمـد بن حنبل، ج5، ص٢٧٧، ونحـوه في المستدرك الصحيحين، الحـاكـم النيسابوري: ج4، ص464؛ الجامع الصغير، السيوطي: ج1، ص100. ح648.

.2- فيض القدير شرح الجامع الصغير، المناوي: ج1، ص466، ح٦٤٨.

3- الحديد: ۲۵.

4- الغيبة: محمد بن إبراهيم النعماني، ص ١٤٣.

5- يوسف: 90.

 

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0465 Seconds