﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾
تتضمن الآية المباركة وعدا إلهيا بخلافة الأرض وتمكين الدين من الأرض كلها والله لايخلف وعده ، ولمّا لم يتحقق ذلك حتى يومنا، ، فلا محيص من إنه ـ الوعد ـ تام بما أفصحت عنه الروايات الشريفة كما ورد عن الصادق في رواية صحيحة متعددة الطرق: ”أن ذلك في يوم ظهور قائم آل محمد“. بالاضافة الى جملة من الروايات الدالة على معان لجملة من آيات الذكر الحكيم في أنها تعني الظهور المقدس للامام الحجة عج ، مثلاً قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ «28» قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ «29» فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَانْتَظِرْ إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ في الرواية عن الصادق ع : ”قال: يوم الفتح هو يوم تفتح الدنيا على القائم“ وآية ثالثة وهو قوله تبارك وتعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً﴾ في الرواية عن الصادق ع: ”يوم يأتي بعض آيات ربك هو يوم ظهور المهدي“.
وانطلاقا من مضامين هذه الآيات الشريفة سنتحدث في محاور ثلاثة:
المحور الأول: حقيقة الانتصار الذي سيكون عند الظهور المقدس
ذهب عدد من الباحثين في أن النصر الذي سيكون على يد الامام الحجة عج والذي من خلاله يتم الوعد الالهي ويتمكن الدين من الارض، هو نصر عسكري قائم على القوة وغلبة السلاح. مستدلين على هذا بالقران الكريم كما في قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾.
وفي هذا الخصوص نقول:
أنت لايمكن أن تجبر الانسان على أن يحب أو يكره أو يؤمنفكل هذه المشاعر يحددها الانسان باختياره يقول الإمام أمير المؤمنين ع: ”لو ضربت خيشوم المؤمن بالسيف على أَن يبغضني ما أَبغضني، ولو ضربت خيشوم المنافق على أَن يحبني ما أَحبني“ السيطرة على القلب غير ممكنة لأي إنسان.
فماذا إذن عما تشير اليه الايات الدالة على الاكراه والتي استدل بها البعض، كما بينّا آنفا؟
إن قوله تعالى ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ لامساس فيه بكل مابيناه من استحالة الإكراه، حيث أنها دالة على الاسلام حين يعرض يستعرض مفرداته القائمة على المنطق والملائمة للفطرة البشرية فيتم الاقبال عليه من قبل أغلب الناس، سيكون هناك صنف المشركين ممن أبوا إلا أن يعاندوا ويلتزموا جادة الشر والباطل، هؤلاء سيكون دخول أغلب الناس في الدين الحق كرها لهم.
المحور الثاني: مازعمه البعض من أن في دولة الامام المهدي عج سيكون فكر معارض يتقاطع مع المنظومة الدينية الاسلامية، وهذا ما يتعارض مع قوله تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ﴾
وربما تمثل الفكر المعارض بوجود الاديان غير الاسلام المحمدي كاليهودية والنصرانية، سيما أن في القرآن الكريم مايشير الى هذا المعنى كمافي قوله ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ «يعني بين اليهود» الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ﴾ هذه ظاهرها أن اليهود سوف يبقون إلى يوم القيامة لأنه القرآن يقول: ﴿وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ﴾ معناه أن اليهود ستبقى إلى يوم القيامة.
والنصرانية ﴿وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾
وفي معرض الجواب البيان التالي:
المحور الثالث: فرض وجود جهة معارضة لها نشاط عملي مضاد لدولة الامام المهدي عج وحكومته الالهية..
إن هذه الجهة المعارضة إنما إنها ستقوم على نيات شريرة تقصد الامام المهدي ومشروعه الانساني.. أو أنها تعتمد متبنيات مغايرة لما عند الامام عج..
والإولى لن نطلق عليها صفة الجهة المعارضة بل الجهة المنحرفة وسوف يقضي عليها الامام المهدي عج عند صنع دولته العالمية. وأما الثانية فإن واقع الدولة التي يقيمها الامام عج بما فيها من تحقيق مثالي لكل متطلبات الانسان الحياتية كالعدل والرخاء والخير.. وبهذا لن يكون هناك معنى لالتزام متبنيات وتصورات مغاير.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة