هل الدجال من علامات الظهور ؟ وأين يظهر ؟

, منذ 2 يوم 219 مشاهدة

روايات عديدة في ظهور الدجال، وفي مصادرنا؛ منها: أنّ راية الدجال تبدأ من بلخ في أفغانستان، ومنها: أنّ خروج الدجال بالمشرق من سجستان.

في بصائر الدرجات، أنّ رجلاً من أهل بلخ دخل على الإمام الباقر (عليه السلام)، فقال له: «يا خراساني تعرف وادي كذا وكذا»؟ قال: نعم، قال له: «تعرف صدعاً في الوادي صفته كذا وكذا»؟ قال: نعم، قال: «من ذلك يخرج الدجال»(1).

حركة الدجال في المصادر السنّية:

قالوا: الدجال - موطنه أصبهان...

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «الدجال يخرج من جزيرة أصبهان في البحر يقال له: (ماطولة)، حتّى يأتي الكوفة فيلحقه قوم من المدينة، وقوم من الطور، وقوم من ذي يمن، وقوم من قزوين»، قيل: يا رسول الله... وما القزوين؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «قوم يكونون بآخره يخرجون من الدنيا زهداً فيها يرد الله بهم قوماً من الكفر إلى الإيمان»(2).

روى أحمد في مسنده عن أنس، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): «يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألف من اليهود عليهم التيجان»(3).

وقال ابن أبي شيبة: كأنّي بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف من العرب يلبسون التيجان(4).

وفي فتح الباري، أخرج أبو نعيم من طريق كعب الأحبار أنّ الدجال تلده أُمّه بقوص من أرض مصر...(5)، وفي مصنف عبد الرزاق، عن كعب الأحبار، قال: يخرج الدجال من العراق(6).

لا يسعنا المقام لذكر روايات القوم المتضاربة في معناها والمتناقضة في شكلها ومضمونها، وقد نقلنا بعضها، فإنّ الدجال مرّة قالوا يخرج من دسر وأبادين وأصبهان، ومرة يخرج من أهواز وكرمان، وثالثة يخرج من العراق، ورابعة أنّه ولد في مصر ويخرج منها، ودواليك ترى العجب العجاب، فهم يتخبطون في منقولاتهم.

صفات الدجال كما في مصادر أهل السنّة:

جاء في صحيح البخاري(7) وفي صحيح مسلم(8) وفي مجموع الفتاوى لابن تيمية(9) وكتاب الفتن لابن حماد(10) وغيرها روايات عجيبة غريبة في محتواها وما فيها من تناقض وأساطير ربما هي أقرب إلى حكايات العجائز على أن أغلبها منقولة من كعب الأحبار وتميم الداري و...

فمن تلك الأخبار نسبوا إلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّه قال في الدجال أنّه (المسيح الدجال) وهذه نسبة أطلقها اليهود على النبي عيسى (عليه السلام) عناداً منهم وبغضاً للمسيح، وهذا ما لا تجده في مصادر أهل البيت (عليهم السلام).

المسيخ الدجال أم المسيح؟

جاء في المشكاة عن شريك بن شهاب، قال: كنت أتمنى أن ألقى رجلاً من أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أسأله عن الخوارج، فلقيت أبا بردة الصحابي في يوم عيد في نفر من أصحابه، فقلت له: هل سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يذكر الخوارج؟

قال: نعم، سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأُذني ورأيته بعيني، أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بمال، فقام رجل من ورائه، فقال: يا محمد، ما عدلت في القسمة، رجل أسود مضموم الشعر عليه ثوبان أبيضان، فغضب رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غضباً شديداً، وقال: (والله لا تجدون رجلاً بعدي هو أعدل منّي)، ثمّ قال: يخرج في آخر الزمان قوم كأنّ هذا منهم، يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق ولا يزالون يخرجون حتّى يخرج آخرهم مع المسيخ الدجال(11)، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم هم أشرّ الخلق والخليقة(12).

ولضبط كلمة المسيخ ينظر في:

(حلية الأولياء) لأبي نعيم ٦/٥٤.

 (صحيح مسلم) للنيسابوري ٢/٧٤٤.

(الصحيح) للبخاري محمد بن إسماعيل ٣/١٣٢١.

ثمّ رووا في صحاحهم ومسانيدهم أنّ الدجال إحدى عينه مطموسة والأخرى ممزوجة بالدم كأنّها الزهرة، وفي مصادرهم أنّه شاب قطط عينه طافئة كأنّي أشبهه بعبد العزى بن قطن، أنّه خارج من خلة بين الشام والعراق فعاث يميناً وعاث شمالاً...

ثمّ ذكروا له عجائب وخوارق، إذ يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثمّ يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك...(13).

وعن ابن حماد بإسناده عن حذيفة عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، قال: الدجال أعور العين اليسرى، جِفال الشعر، معه جنّة ونار... ويسير معه جبلان؛ جبل من أنهار وثمار وجبل دخان ونار، يشق الشمس كما يشق الشعرة، ويتناول الطير في الهواء(14).

وروى ابن أبي شيبة عن حذيفة، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه، ويتناول السحاب، ويسبق الشمس إلى مغربها، وفي جبهته قرن يخرص منه الحيات، وقد صور في جسده السلاح كلّه، حتّى ذكر السيف والرمح والدرق، قال: قلت ما الدرق؟ قال: الترس(15).

والخوض في روايات أهل السنّة ترى فيها الأساطير والخرافات فهي من عجائب الأخبار، وليس غريباً أن تكون من دسائس اليهود وما نسجته الإسرائيليات لتخويف البشر.

هذا هو الدجال عند أهل السنّة، فهو يحيي ويميت، ومعه جنّة ونار، ... وأساطير أخرى عجيبة.

روى البسطامي أنّ الدجال مهدي اليهود، ينتظرونه كما ينتظر المؤمنون المهدي، ونقل عن كعب الأحبار أنّه رجل طويل، عريض الصدر، مطموس، يدّعي الربوبية، معه جبل من خبز وجبل من أجناس الفواكه، وأرباب الملاهي جميعاً يضربون بين يديه بالطبول والعيدان والمعازف والنايات، فلا يسمعه أحد إلّا تبعه، إلّا مَن عصمه الله.

قال: ويخرج من ناحية المشرق من قرية تسمّى دسر أبادين ومدينة الهوازن ومدينة أصبهان، ويخرج على حمار وهو يتناول السحاب بيده ويخوض البحر إلى كعبيه ويستظل في أذن حماره خلق كثير، ويمكث في الأرض أربعين يوماً، ثمّ تطلع الشمس يوماً حمراء ويوماً صفراء ويوماً سوداء(16).

أقول: أسماء المدن التي أوردها كعب الأحبار في خروج الدجال جعلها مدناً فارسية وكأنّما أراد بها: تستر وعبادان وأهواز وأصفهان، وقد أشاع ثقافة يهوديته على لسان مريديه أمثال أبي هريرة وعبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأضرابهم، وبمثل ذلك روى نعيم بن حماد بإسناده عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ليهبطن الدجال خوز وكرمان في ثمانين ألفاً وجوههم المجان المطرقة، يلبسون الطيالسة وينتعلون الشعر(17).

في هذه الرواية تجد رقعة الدجال الجغرافية اتَّسعت إلى الخوز وكرمان، بل اتَّصف دجال السنّة وأصحابه بصفات الترك والمغول، وأكثر من ذلك فإنّهم يجوبون البوادي فينتعلون الشعر أنّها صفة البدو الرحّل للمغول، وهكذا رواياتهم تدلل على عالمية الحركة التي يقوم بها الدجّال...!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) البصائر: ص١٤١.

(2) مجمع الزوائد، الهيثمي: ٧/٣٤٨؛ الطبقات الكبرى: ٦/٥.

(3) مسند أحمد: ٣/٢٢٤؛ صحيح مسلم: ٨/٢٠٧.

(4) مسند ابن أبي شيبة: ٨/٦٧١ و١٥/١٨٢؛ مصنف عبد الرزاق: ١١/٣٩٣؛ الدر المنثور: ٥/٣٥٤؛ الفتن لابن حماد: ٢/٥٥١.

(5) فتح الباري: ١٣/٢٧٧.

(6) المصنف، لعبد الرزاق: ١١/٣٩٦؛ الدر المنثور: ٥/٣٥٤.

(7) صحيح البخاري: ١/٢٠٢ و٧/١٥٩ و١٦١ و٨/١٠٣ و١٠١ و٢/٢٢٣ و٧/٥٨ و٥/١٢٦ و٨/٧٢.

(8) صحيح مسلم: ٤/٢٢٥٧ و٤/١٣٥٤.

(9) مجموع الفتاوى لابن تيمية: ص٣٥، ح١١٨.

(10) الفتن لابن حماد: ٢/٥٣٦.

(11) المسيخ، في القاموس: مسخه كمنعه، حول صورته إلى أخرى أقبح، ومسخه الله قرداً فهو مسخ، والمسيخ: المشوّه؛ ينظر: تاريخ بغداد: ٨/٢٧٥.

(12) خصائص النسائي: ص١٣٧.

(13) الفتن لابن حماد: ٢/٥١٨ و٥٣٦.

(14) المصدر نفسه، سنن ابن ماجة: ٢/١٣٥٣؛ حلية الأولياء: ٥/١٥٧؛ صحيح مسلم: ٤/٢٢٤٨؛ وصحيح البخاري: ٤/١٠٥.

(15) ابن أبي شيبة: ١٥/١٣٣ و٨/٦٤٨.

(16) فيض القدير، المناوي: ٣/٧١٨.

(17) الفتن، لابن حماد: ٢/٥٧٩؛ مسند أحمد بن حنبل: ٢/٣٣٧؛ مجمع الزوائد: ٧/٣٤٥؛ الفتن لابن كثير: ١/١٤٣ و١٤٤؛ مسند أبي يعلى: ١٠/٣٨٠؛ ابن أبي شيبة: ١٥/١٤٦.

المصدر : الملاحم قبل ظهور القائم (عجّل الله فرجه) تأليف : الشيخ عبد الرسول الغفاري.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0589 Seconds