النداء يوم الجمعة لثلاث وعشرين من شهر رمضان، أوَّل النهار بعد صلاة الصبح.
بمعنى أنَّ أوَّل الشهر الخميس، وعليه تكون ليلة الجمعة ثلاثاً وعشرين.
ما هو النداء؟
صوت من السماء، يسمعه الخلائق جميعاً كلٌ بلغته: ألا إنَّ الحق في علي وشيعته، ويراد به المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعته، يوقظ النائم، ويُقعد القائم أو يخرجه إلى صحن الدار، والنداء يفزع اليقظان، ويُخرج العواتك من خدورهنَّ، وبسبب هذا النداء، تحرض العذراء أباها وأخاها على الخروج:
(يكون النداء ليلة الجمعة لثلاث وعشرين من شهر رمضان، أوَّل النهار بعد صلاة الصبح: ألا إنَّ الحق في فلان بن فلان وشيعته، توقظ النائم، وتُقعد القائم أو تخرجه إلى صحن داره، لأنَّها تفزع اليقظان، وتخرج العواتك من خدورهنَّ، فتحرض العذراء أباها وأخاها على الخروج).(1)
والنداء، صوت من السماء، عن جبرائيل، وصوت من الأرض عن إبليس عليه لعائن الله.
في الصوت الأوَّل؛ وبشارة للمؤمنين، وإنذار للمنافقين والكافرين، وفي الصوت الثاني؛ إشكال على السامعين، حتّى يقع الخلاف، ولكن من كان مسبوقاً أنَّ هناك نداءً سماوياً وصوتاً أرضياً قبل هذا، لا يهتم بالصوت الثاني، ويفرح للصوت الأوَّل ويستبشر لأنَّ الحق في طريقه إليه.
(لابدَّ من هذين الصوتين قبل خروج القائم (عجّل الله فرجه): صوت من السماء، وهو صوت جبرائيل، وصوت من الأرض، وهو صوت إبليس اللعين).(2)
والنداء له صيغ متعددة:
(ينادي مناد من السماء: يا أهل الحق اجتمعوا، فيصيرون في صعيد، ثمَّ ينادي مرة أُخرى: يا أهل الباطل اجتمعوا، فيصيرون في صعيد واحد...).(3)
(ينادي مناد في شهر رمضان عند الفجر، من ناحية المشرق: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قِبل المغرب، بعد مَغيب الشمس: يا أهل الباطل اجتمعوا...).
ثمَّ جاء عن الباقر (عليه السلام) في الموضوع:
ينادي من السماء أوَّل النهار: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته، ثمَّ ينادي إبليس في آخر النهار من الأرض: ألا إنَّ الحق مع فلان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون، (وتلك نخوة الشيطان!) وأقول وأنا كاتب الحروف في قوله: ألا إنَّ الحق مع علي وشيعته) يريد به المهدي (عجّل الله فرجه) وشيعته، وأمّا: (ألا إنَّ الحق مع فلان وشيعته) وهو نداء إبليس عليه اللعنة، فهو: يريد به من فلان وشيعته، عثمان بن عنبسة وشيعته السفياني عليه اللعن، وتلك من سمومه عليه وعلى أتباعه لعائن الله.
والظاهر أنَّ النداء له صيغ متعددة.
ثمَّ قال أمير المؤمنين (عليه السلام):
(إذا نادى مناد من السماء: إنَّ الحق في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حُبّه ولا يكون لهم ذكر غيره، نقلاً عن البيان).(4)
قال الإمام زين العابدين (عليه السلام):
والله إنَّ ذلك في كتاب الله لبين حيث يقول: (واستَمِع يَومَ يُنادِ المُنادِ مِنْ مَكان قريب * يَومَ يَسْمَعونَ الصيحةَ بالحقِّ ذلكَ يَومُ الخُروجِ).
فلا يبقى في الأرض أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته لها، ويثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت على الحق، وهو النداء الأوَّل، ويرتاب الذين في قلوبهم مرض حين النداء الثاني.(5)
يُنادي مناد باسم القائم (عجّل الله فرجه)، واسم أبيه (عليه السلام).
والصيحة في هذه الآية في السماء وذلك يوم خروج القائم (عجّل الله فرجه).
ومع كل هذه الآيات، والدلائل المسموعة، هناك من يأخذ طريقه إلى الباطل، ويعرض عن الحق، وذلك لسوء التوفيق، والطينة الخبيثة، وحقّاً: ما في الاباء تجده في الأبناء، فالاباء من قبل أعرضوا عن الحق وحاربوه، والأبناء يعرضون عن الحق ويحاربوه.
فيه: قال أسند المفيد في إشارة أنَّ المنصور قال كسيف بن عميرة:
(لابدَّ من مناد من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب، ومن ولد فاطمة، ونحن أوَّل من يجيبه لولا أنّي سمعته من أبي جعفر محمّد بن علي (عليه السلام) ما قبلته ولو حدّثني به أهل الأرض).(6)
والفضل ما اعترفت به الأعداء؟ أبو جعفر المنصور الدوانيقي من أعدى أعداء الأئمة الهداة الميامين، يقر ويعترف يا سبحان الله، يا سبحان الله، لله درُّ الحق ما أعظمه؟!
(وردت نصوص مختلفة للنداء، وتواتر هذا النص:
ألا أيُّها الناس: إنَّ الله قد قطع مدّة الجبارين والمنافقين وأتباعهم، ووليكم خير أُمّة محمّد (صلى الله عليه وآله) فألحقوه بمكّة، فإنَّه المهدي).(7)
(... وينادي مناد من السماء: إنَّ أميركم فلان وذلك هو المهدي، والنداء يكون بصوت جبرائيل الأمين (عليه السلام)).
من عظمة هذا النداء أنَّه؛ نهاية الجبابرة والنفاق، وبداية الحق وأهله، فهنيئاً لمن يحظى بلقائه، والعيش في دولته، والنظر إلى طلعته، والشفاء على يديه، والسعادة في كنفه، ورؤية ذِلِّ الجبابرة، وتقهرهم على يديه، والنشوة والفرحة بالحق وأهله في دولته.(8)
من أين يجيء الصوت؟
(... ومناد ينادي من السماء، ويجيئكم الصوت من ناحية دمشق بالفتح).(9)
ولخروج السفياني صوت:
(... فربما ينادي فيها الصّارخ مرتين ألا وإنَّ الملك في آل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فيكون ذلك الصوت من جبرائيل، ويصرخ إبليس لعنه الله، وإنَّ الملك في آل أبي سفيان، فعند ذلك يخرج السفياني).(10)
نداء من المشرق وآخر من المغرب
(... وينادي مناد في شهر رمضان من ناحية المشرق عند الفجر: يا أهل الهدى اجتمعوا، وينادي مناد من قِبل المغرب بعدما يغيب الشفق: يا أهل الباطل اجتمعوا).(11)
الدعوة إلى المهدي (عجّل الله فرجه)
(... وهو الذي ينادي مناد من السماء يُسمعه الله جميع أهل الأرض بالدعاء إليه، يقول: ألا إنَّ حجّة الله قد ظهر عند بيت الله، فأتبعوه، فإنَّ الحق فيه ومعه، وهو قول الله عزَّ وجلّ: (إنْ نَشأْ نُنَزل عليهِم مِنَ السماءِ آيةً فَظَلَّت أعناقُهُم لَها خاضعينَ)(12)، هذا النداء يكون سبباً في اجتماع ثلاثة عشر ألفاً، أقل أو أكثر، وبه يقدم العراق).(13)
النداء باسمه واسم أبيه (عليه السلام)
(وقال: أخبرنا أحمد بن هوذة الباهلي عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبد الله بن حماد، عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): ينادي باسم القائم يا فلان بن فلان قُم).(14)
وكفاهُ فخراً.
نداء جبرائيل (عليه السلام)
(وعنه، عن ابن محبوب، عن أبي أيوب، عن محمّد بن مسلم قال: ينادي مناد من السماء باسم القائم، فيسمع ما بين المشرق والمغرب، فلا يبقى راقد إلاّ قام، ولا قائم إلاّ قعد، ولا قاعد إلاّ قام على رجليه من ذلك الصوت، وهو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)).(15)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: ٥٣٨، ط ١، سنة ١٤١٧ هـ، أنوار الهدى - قم المقدسة، بشارة الإسلام، سيّد مصطفى، ص: ١٦٦، مؤسسة أهل البيت (عليهم السلام) - قم المقدسة.
(2) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: ٥٣٩، أنوار الهدى.
(3) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: ٣٥، البحار، ج ٥٢، ص: ٢٧٤، ٣٦٥، وبعضه في: ج ٥٣، ص: ٨٤، وبشارة الإسلام، ص: ٥٩، والغيبة للنعماني، ص: ١٧١، وإلزام الناصب، ص: ١٥٦، ١٧٦، ١٧٧.
(4) منتخب الأثر، ص: ١٦٣، ٤٤٣، وبشارة الإسلام، ص: ١٨٣، وكشف الغمة، ج ٣، ص: ٣٢٤، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: ٢٢١، ٦٩، نصفه الأوَّل، والملاحم والفتن، ص: ٤٧، والمهدي، ص: ٩٥ - ٩٦، ونور الأبصار، ص: ١٧٣ بلفظ آخر، والحاوي للفتاوي، ج ٢، ص: ١٤٠، وإلزام الناصب، ص: ٢٥٧، يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: ٥٣٣، ٥٣٥، ط ١، سنة ١٤١٧ هـ.
(5) الخبر في البحار، ج ٥٢، ص: ٣٩٢، عن الإمام الصادق (عليه السلام)، ومثله في الغيبة للنعماني، ص: ١٣٨ بلفظ قريب، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، ص: ٥٧، وينابيع المودة، ج ٣، ص: ١٠٩ بلفظ آخر، ومنتخب الأثر، ص: ٢٢٠ قرأها الإمام (عليه السلام) وقال: أي خروج ولدي القائم.
(6) يوم الخلاص، كامل سليمان، ص: ٥٣١، الطبعة الأولى، سنة ١٤١٧ هـ، قم المقدسة، الإرشاد، ص: ٣٣٦، ٣٣٨، والملاحم والفتن، ص: ١١٥، ١١٩، والحاوي للفتاوي، ج ٢، ص: ١٦٠، والاختصاص، ص: ٢٠٨، والبحار، ج ٥٢، ص: ٣٠٤، ومنتخب الأثر، ص: ٤٩٩، والمهدي (عجّل الله فرجه)، ص: ٩٠، وبشارة الإسلام، ص: ١٧٧.
(7) نفس المصدر السابق، نفس الصفحة.
(8) طوالع الأنوار، سيّد مهدي بن محمّد جعفر الموسوي من العلماء الأعلام في القرن الثالث عشر، ص: ٥، ٣١٤، طهران - مطبعة الرشيدية، سنة ١٢٣٧ هـ، وعقد الدرر، ص: ١٥٠.
(9) الاختصاص، الشيخ المفيد، ص: ٢٥٥، جامعة المدرسين، ط ٦، قم المقدسة.
(10) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج ٢، ص: ١٩٤، الأعلمي.
(11) إلزام الناصب، الشيخ علي اليزدي الحائري، ج ٢، ص: ١٢٠.
(12) الشعراء / ٤.
(13) فرائد السمطين، الجويني الخراساني، ط ١، بيروت - لبنان.
(14) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي (رحمه الله)، ج ٣، ص: ٣، ٧٣٩.
(15) إثبات الهداة، للشيخ الحر العاملي، الباب الرابع والثلاثون، في علامات خروج المهدي (عجّل الله فرجه)، ج ٣، ص: ٧٢٩، ٧٣٠، عقد الدرر، ص: ١٨٥، للسليلي.
المصدر : الحتميات من علائم الظهور ـ تأليف: السيد فاروق الموسوي.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة