إن الأســس الســليمة لتثقيــف الجمهــور بالعقيــدة المهدويــة، تجنبــا للتــأثر بالشــبهات والإثــارات التــي يستغلها المنحرفون.
أهم ما يركز الأديان في نفوس أتباعها – ثلاثة أمور: - عادة
الأول: الحجة والبرهان.
الثاني: العاطفة.
الثالث: الإيمان بالغيب.
أمّا البرهـان فيفـترض أن يكـون الأسـاس الـذي يسـتند إليـه الـدّين باعتبـاره المثبـت لكونـه حقـاً مطابقـاً للواقـع، وبـذلك تختلـف الأديـان قـوةً وضـعفاً، فالـدين الـذي يمتلـك البرهـان والحجـة القويـة يرتكـز في نفـوس أتباعه ويصـمد أمـام الضـغوط والتحـديات المختلفـة، بعكـس الـدين الـذي يفتقـد الحجـة القويـة والمعتـبرة، فيضـطر رجالـه وأتباعـه إلى اعـتماد أسـاليب أخرى لحفظ إيمان أتباعه وتمسكهم به.
وأما العاطفة فهي تفعل حركة المجتمع باتجاه المبادئ والتعاليم التي يؤمن بها وتمنحها الحيوية والنشاط، بعكس المبادئ المجردة عن البعد العاطفي فإنها تفقد بريقها في المجتمع، إلا أن تنامي العاطفة والمبالغة فيها له إفرازات سلبية على فهم التعاليم والقيم الدينية وتطبيقاتها ويفسح المجال للمنحرفين لحرف المجتمع وتوجيهه.
وأما الإيمان بالغيب فهو العنصر الذي يساهم في تعبد الإنسان و خضوعه للمبادئ والتعاليم التي يؤمن بها، إلا أن الغموض الذي يحيط بالأمور الغيبية - باعتبارها غير مألوفة للمجتمع - قد يفح - المجال لادعاءات واهية للمتصرفين والدجالين لإبعاد المجتمع عن القيم والتعاليم الدينية الأصيلة مستغلين الإيهام والغموض الذي يحيط بتلك الأمور الغيبية.
والدين الإسلامي كسائر الأديان يبتني على الاعتقاد بعالم الغيب في بعض المجالات، ومن أبرز تطبيقات الإيمان بالغيب في الإسلام موضوع (المهدي المنتظر) خاصة وفق مذهب أهل البيت الذي يبتني الاعتقاد بولادة الإمام المهدي الحية وغيبته.
ولوحظ أن هذا الموضوع قد اكتنفه بعض الغموض والالتباسات في الذهنية العامة أدت إلى ثغرات في بعض الأوساط وانحرافات عقائدية في أوساط اجتماعية متعددة وفي فترات زمنية متفاوتة، وما زالت تتحقق بين فترة وأخرى، بينما نجد عدم حدوث هذه الاختراقات في أوساط الحوزة العلمية عادة - إلا في نطاق ضيق وفي فترات زمنية حرجة مرت بها بعض الحوزات ومجتمعاتها - تما يكشف أن منشأ الثغرات والاختراقات عموماً هو طبيعة التثقيف الجماهيري بهذا الموضوع، وما تخلله من خلل أو إرباك أدى إلى ذلك.
المصدر: الثقافة المهدوية دروس منهجية، السيد رياض الحكيم، ص208-210.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة