نظرية نهاية التاريخ هل لها علاقة بالإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 400 مشاهدة

لو تساءلنا هذا السؤال وهو : هل أن نهاية التاريخ ستكون بهيمنة قوى بشرية تنتهج النهج النفعي والمصلحي، وتكون الأرض حينئذ تحت رعاية بشرية متكبرة ومتجبرة؟ أم أنها غير ذلك؟

لقد أجاب بعض مفكري الغرب كـ(فوكوياما)، بأن هذا هو زمن نهاية التاريخ (أي القرن الواحد والعشرين) وهو بهذه الصورة من الهيمنة الغربية على مقدرات العالم، فإن الإنسان التاريخي حسب ما يدّعيه هو ذلك الغربي الذي يزقّ في صغره مفاهيم الهيمنة ويتربى على الثقافة النفعية المادية، أمّا الذي يرأس هذا العالم بمن حواه فهو الشخص الذي يتربع على عرش السلطة الأمريكية، وحيث أن القطب الآخر (الإتحاد السوفياتي) قد انهار، فلا منافس ولا ندّ ولا مستحق ولو مستقبلاً لهذه الإدارة العالمية.

وأجاب بعض عن السؤال كـ(هنتيجتون) بأن نهاية التاريخ لابد أن تكون بيد الغرب لتقدّمه وتميّزه وإن كان ذلك بعد حين .. ولا يخفى ما لهذه النهاية التي يبشّر لها من ظلم وعدوان على الإنسان، وتحطيم لأبسط قواعد العدالة الإنسانية .. والمشهد السياسي المعاصر أبلغ شاهد على ذلك ..

ونحن لا نختلف معهم على حتمية أن يكون للتاريخ نهاية، بل على العكس، إن نهاية التاريخ هي من النبؤات التي ذكرها القرآن الكريم، وأكّدها الرسول وأهل بيته بأحاديث متواترة .. يقول تعالى: (ونريد أن نمّن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين)(1) ، وقال عز وجل (ليظهره على الدين كله).(2)

إلا أن الاختلاف الجذري بيننا وبينهم هو في ماهية النهاية، وزمانها .. فأما الزمان فعلمه عند الله عز وجل، يظهره متى رأى الظروف مواتية، ففي الحديث عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً من أمتي ومن أهل بيتي يواطئ أسمه اسمي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً).(3)

وأما ماهية النهاية وصفتها، فلا تكون إلا برعاية إلهية محاطة بألطاف الله عز وجل، كما هي دلائل الآيات أن الله هو الذي سيختار من يبوئه ويمكّنه من الأرض في قوله عز وجل: (ونجعلهم أئمة)، (ونجعلهم الوارثين) .. مما يدلّ أن الهيمنة والتمكين على مقدرات الأرض إنما ستكون بجعل إلهي، لا بتقديرات بشرية زائفة .

وهذه الرعاية الإلهية هي بظهور الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه.

فحسب المتواتر من الأحاديث عند المسلمين أنه لو لم يبق من الدنيا إلا يوماً واحداً لطوّل الله ذلك اليوم، ليخرج فيه الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه، ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً.

فتحقق الرعاية الإلهية لنهاية التاريخ إنما هي من الرعاية الإلهية للإمام المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف حيث أحاطت الرعاية الإلهية بالإمام قبل أن يولد وقبل عالم الأرحام وفي ولادته وطفولته وصباه، وفي غيبتيه الصغرى والكبرى وهو مستودع عند الله عزّ وجل ليتربى في كنفه، هكذا تحدّثنا مقاطع التاريخ المهدوي..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سورة القصص، آية 5.

(2) سورة التوبة، آية 33.

(3) المهدي في السنة، ص45.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0606 Seconds