احدى التساؤلات الاساسية المثيرة حول العقيدة المهدوية عند الشيعة الاثنى عشرية تتعلق بطول عمر الامام عليه السلام و قد ركز عليها المخالفون كثيرا و لكن عند التامل في المصادر العلمية و التاريخية يتضح لنا جليا عدم صحة هذا الاشكال

اولا : الامكان الذاتي :

فمما لاشك فيه عدم وجود استحالة ذاتية  في بقاء الانسان حيا لمدة طويلة حيث ان الموت ليس فناء و انما  هو انتقال للانسان من عالم الى اخر و لايتوقف ذلك على شيئ الا على مشيئة الله عز و جل كما قال تعالى :وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا (ال عمران : الاية 145)  فبالموت ينتقل العبد من عالم الدنيا الى عالم البرزخ حينما يشاء الله  و حيث انه  سبحانه وتعالى قادر على كلّ شيء ، فلا يعزّ عليه أن يطيل في عمر شخص و يؤجل انتقاله الى البرزخ  لسنين طالت ام  قصرت و خير شاهد على قدرة الله على ذلك ما نراه من طول العمر في الكائنات  الحية الاخرى من حيوان و نبات  حتى ان بعض النباتات تصل  اعمارها الى  الاف السنين

ثانيا : الامكان العلمي :

ومن الملاحظ اننا نجد البشرية منذ القدم عملت في تقديم حلول لإطالة حياة الإنسان، ولا يزال ذلك دافعاً أساسياً وراء المساعي العلمية  عبر التاريخ وحتى عصرنا الحاضر فنجد الجميع يتحدثون عن  امكان تطويل العمراو ما تسمى بنظرية الخلود  و ان اختلفوا في الاسباب والاساليب  و كلما تقدمت العلوم اكثر ازداد القائلون بهذه النظرية اكثر فاكثر حتى اصبحت في عصرنا نظرية مقبولة لدى الكثيرمن ذوي الاختصاص فان العلم الحديث و بمختلف فروعه اوشك على التسليم بأنّ هناك عوامل مؤثّرة في طول العمر كالوراثة ونمط الحياة  و ...، وما الشيخوخة الا ظاهرة عرضية تحدث لأسباب اذا تجنبها الانسان فإن ذلك يمكنه من العمر الطويل أضعاف ما هو عليه الان

ثالثا : الواقع التاريخي : 

فمما شهد به التاريخ هو وجود المعمرين في مختلف الامم و الاقوام و الطبقات البشرية و الادوار التاريخية مما لايدع مجالا للاستغراب في  حصول ذلك في الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف  و اليك فيما يلي بعض النماذج :  

عند اهل الكتاب :

فقد ذكر العهد القديم في سفر التكوين  اسماء عديدة ممن عاش في الدنيا لفترات طويلة منهم متوشالخ ابن إدريس وهو والد لامك وجد نوح، وهو شخص مات وعمره 969 سنة، توفي فقط سبعة أيام قبل الطوفان العظيم، وقد ذكر اسمه في سفرالتكوين (سفر التكوين : الاصحاح الخامس  27)..و تستمر هذه القائمة في العهد القديم حتى تشمل  جاريد : عاش 962 عاما  ، نوح : 950 عاما  ،ادم : 930 عاما  ، شيث : 912 عاما  ، قينان : 910 عاما  ، انوش : 905 عاما ، مهلائيل 895 عاما ، لامك 777 عاما ، أنس الله 365 عاما

عند المسلمين :

و قد صرحت  مصادر عديدة عند المسلمين  بطول حياة البعض من البشر من انبياء و غيرهم

 فمنهم نوح عليه السلام :  حيث صرح القران الكريم بلبثه في قومه الف سنة الا خمسين عاما

و منهم الخضر عليه السلام : فقد ذهب جماعة من علماء اهل السنة إلى بقائه حيا  بل نسبه الإمام النووي الى اكثر العلماء  ( تهذيب الأسماء واللغات ج 1 ص 176)

و منهم الياس عليه السلام : فقد صرح غير واحد  بحياته منهم الإمام القرطبي في تفسيره بعد تصريحه بحياة للخضر عليه السلام( الجامع لاحكام القران ج 11 ص 29)

و منهم سلمان الفارسي : حيث ذكر اصحاب السير انه عاش ثلاثمائة و خمسين عاما حتى قال عنه ابن الاثيرفي اسد الغابة  :  قال العباس بْن يَزِيدَ: قال أهل العلم: عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة، فأما مائتان وخمسون فلا يشكون فيه. قال أَبُو نعيم: كان سلمان من المعمرين، يقال: إنه أدرك عِيسَى بْن مريم  (اسد الغابة  ج 2 ص 269 )كما ذكر الشيخ الصدوق أسماء عدة منهم في كتاب  كمال الدين ، والعلامة الكراجكي في رسالته الخاصة باسم (  البرهان على صحة طول عمر الإمام صاحب الزمان ) ، والعلامة المجلسي في بحار الانوار وغيرهم .

عند المؤرخين :

وقد ذكرت كتب التاريخ جمعا ممن أمد الله في عمره فقد أورد المسعودي من ملوك عاد عاد بن عوص الذي عاش 1200 عاما و شديد بن عاد 580 عام و شداد بن عاد 900 عام و من ثمود عابر 200 عام و جندع 327 عام ومن خزاعة  عمرو بن لحى 345 عام   (مروج الذهب ج 2 ص 13 فمابعد  )و من الهند البرهمن الذي عاش 360 عام و من الصين نسطرطاس 300 عام و عوون 250 عام و عيثنان 400 عام   و من الفرس كيومرث  1000 عام و جمشيد 600 عام وبيوراسب  1000 عام و أفريدون 500 عام(مروج الذهب: ج1 ص 93 فما بعد) وعلى من اراد المزيد مراجعة (المعمّرون والوصايا)لأبي حاتم    السجستاني و(الآثار الباقية ) للبيروني و وغيرها من الكتب المدونة في تاريخ الامم  

وبعد كل ما تقدم فهل يليق بذي لب ان يستنكر على الامامية  اعتقادهم بطول عمرامامهم المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف  ويجعل ذلك مطعنا من مطاعنه على النظرية المهدوية عند الشيعة الاثنى عشرية

السيد مؤيد التبريزي