ارجع إلى كُتُب الفقه عند الشيعة هل يوجد كتاب يقول: إنَّ الجهاد يجب أنْ نُعطِّله لأنَّه موقوف حتَّى يخرج صاحب الزمان (عجَّل الله فرجه)؟ لا يوجد عندنا هذا، فحكم الجهاد قائم إذا وقف المسلمون ليجاهدوا فإنَّنا نقف لنجاهد. هذه أدلَّتنا تدفعنا إلى أنْ نحمل لواء الجهاد. ليس عندنا أبداً دليل يقول: إذا تعرَّض بلدكم أو المسلمون إلى التعدِّي ارموا السلاح واتركوا الجهاد أو القتال.
هل توجد روايات تأمرنا بترك الجهاد والقتال من أجل فكرة المهدي (عجَّل الله فرجه)؟ كلَّا.
هل تأمرنا فكرة المهدي (عجَّل الله فرجه) أنْ نُعطِّل العمران مثلاً؟ كلَّا.
إنَّ علينا اليوم أنْ نستثمر ونبني ونزرع ونعمل، فهل تمنعنا فكرة المهدي (عجَّل الله فرجه) عن العمل والعطاء؟ كلَّا.
بل العكس إنَّ الفكرة فيها مثل أعلى ونشدان حقٍّ ودعم للفضيلة ارجع إلى روايات المهدي تجد أنَّها تقول: يقتل الظالمين يمنع الظلم ينشر العدل ينشر الخير بين الناس يُحقِّق كلمة الله، فما عيبها حتَّى نقف منها موقفاً سلبيًّا؟
هؤلاء الذين يرموننا به ويقولون بأنَّنا نحلم هذا الحلم، وهذه فكرة ضارَّة ما هو ضررها؟
هل إنَّ العقيدة المهدويَّة مخدِّرة للشعوب؟
يقولون: إنَّ ضررها هو أنَّها تُخدِّرهم وتشلُّ حركتهم!
كيف تشلُّ حركتنا؟ هل نحن لا نعمل ولا نزرع؟ ولكن ماذا نقول إنَّهم يريدون أنْ يتكلَّموا ما يشاؤون.
إنَّ فكرة المهدي (عجَّل الله فرجه) لم تقف في طريق المسلمين، سواء كان خطًّا عمرانيًّا أو فكريًّا أو إنتاجيًّا إطلاقاً بل العكس فإنَّ الفكرة فيها حافز وتدفع إلى تبنِّي المُثُل الأعلى ونشدان العدل والوقوف بوجه الباطل فما كانت في يوم من الأيَّام عائقاً في طريق تقدُّم المسلمين ومن أجل ذلك نلاحظ الأحاديث الصحيحة تحثُّ عليها.
بعد هذه المقدّمات التي بحثناها في فكرة الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) توجد روايات تقول: إذا خرج صاحب الأمر يقوم بأعمال معيَّنة، وأوَّل عمل هو أنَّه يُصلِّي ومن ورائه المسيح (عليه السلام)، لأنَّ في الحديث الوارد عن النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) والذي روته كُتُب الصحاح - ما عدا صحيح مسلم أو صحيح البخاري -: لا تزال طائفة من أُمَّتي يقاتلون على الحقِّ ظاهرين، فينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم لعيسى: هلمَّ فصلِّ بنا يقول: لا إنَّ أُمراءكم منكم تكرمة لهذه الأُمَّة صلِّ ونُصلِّي بصلاتك، فيُصلِّي بهم صاحب الأمر (عجَّل الله فرجه)، ومن جملة من يأتمُّ به عيسى بن مريم (عليه السلام)(1)، هذه من الروايات الكثيرة التي تروي عدد أصحابه، وتوجد إضافات لا تهمُّنا.
الغريب أنَّ الآلوسي الذي نشأ بين ظهراني الشيعة في بغداد واتَّصل بهم يقول: إنَّهم يأخذون خُمُسهم ويأتون به ويجعلونه في السرداب بسامرَّاء حتَّى يخرج صاحب الزمان ويشتري به الأسلحة ويقاتل!
إنَّ الشيعة لهم ألف وأربعمائة سنة والكثير منهم يدفع خُمُسه بحمد الله فكم هو حجم هذا السرداب حتَّى يسع ذلك؟
يقولون: إنَّ الشيعة يسجدون على التربة، لأنَّ فيها دم الحسين (عليه السلام)! نسألهم: ألم ينته هذا اليوم حيث يقاع آلاف الأطنان من التراب؟
لا أُريد القول: لا يوجد عقلاء في القوم ليُنكِروا هذا الفكر ولكنَّهم قليلون، ولعلَّهم لا يستطيعون أنْ يجهروا بقولهم ونأمل أنْ تميل الدنيا إلى الموضوعيَّة وتبتعد عن التهريج.
وفي الرواية أنَّه (عجَّل الله فرجه) إذا خرج يأتي إلى كربلاء يقف على قبر الحسين (عليه السلام) ومن ورائه رعيل من أصحابه والمنادي ينادي: هذا خليفة الله فاتَّبعوه.
تقول الرواية: أوَّل شيء يبدأ به يمدُّ يديه يستخرج طفلاً للحسين (عليه السلام) رضيعاً مذبوحاً من الوريد إلى الوريد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)روى مسلم في صحيحه (ج ١/ ص ٩٥) بسنده عن جابر بن عبد الله يقول: سمعت النبيَّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: «لا تزال طائفة من أُمَّتي يقاتلون على الحقِّ ظاهرين إلى يوم القيامة»، قال: «فينزل عيسى بن مريم (عليه السلام) فيقول أميرهم: تعالَ صلِّ لنا، فيقول: لا، إنَّ بعضكم على بعض أُمراء تكرمة الله هذه الأُمَّة»؛ ورواه أحمد بن حنبل في مسنده (ج ٢٣/ ص٣٣٤ و٣٣٥/ ح ١٥١٢٧)، وابن حبَّان في صحيحه (ج ١٥/ ص ٢٣١ و٢٣٢)، والبيهقي في سُنَنه (ج ٩/ ص ١٨٠)، إلى غير ذلك من مصادر العامَّة.
المصدر : محاضرات حول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) ـ عميد المنبر الحسيني الشيخ أحمد الوائلي (رحمه الله).
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة