المراد بصلة الإمام الغائب المهدي (عليه السلام)، أن يأخذ المرء من ماله ويدفعه هدية عنه (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، ففي الرواية عن مفضل بن عمر قال: (دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) يوماً ومعي شيء فوضعته بين يديه، فقال: ما هذا؟ فقلت: هذه صلة مواليك وعبيدك قال: فقال لي: يا مفضل إني لأقبل ذلك، وما أقبل من حاجة بي إليه، وما أقبله إلا ليزكوا به. ثم قال: سمعت أبي (عليه السلام) يقول: من مضت له سنةٌ لم يصلنا من ماله قل أو كثر، لم ينظر الله إليه يوم القيامة إلا أن يعفو الله عنه ثم قال: يا مفضل إنها فريضةٌ فرضها الله على شيعتنا في كتابه إذ يقول: (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ)(1)، فنحن البرُّ والتقوى، وسبيل الهدى، وباب التقوى، لا يحجب دعاؤنا عن الله، اقتصروا على حلالكم وحرامكم، فسلوا عنه، وإياكم أن تسألوا أحداً من الفقهاء عمَّا لا يعنيكم وعمَّا ستر الله عنكم)(2).
وفي تفسير العيَّاشي: (روى أصحابنا أنه سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أمَرَ اللّهُ بِهِ أن يُوصَلَ)(3)، قال: هو صلة الإمام في كل سنة مما قل أو كثر، ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام): وما أريد بذلك إلا تزكيتكم)(4).
وقد تحدثت الكثير من الروايات الشريفة عن الأجر الذي يناله المؤمن من صلته للإمام (عليه السلام)، ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (من وصل أحداً من أهل بيتي في دار هذه الدنيا بقيراط كافيته يوم القيامة بقنطار)(5).
هذا في الآخرة أما في الدنيا فلصلة الإمام (عليه السلام) أثر في غاية الأهمية وهو قضاء الحوائج، فمن كانت له حاجة إلى الله تعالى فليتقرب إليه بصلة أوليائه المعصومين، ولا سيما إمامنا القائم (عجل الله تعالى فرجه الشريف)، فعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام): (لا تدعوا صِلة آل محمَّد من أموالكم من كان غنياً فعلى قدرِ غناه، ومن كان فقيراً فعلى قدرِ فقره، ومن أراد أن يقضي الله أهمَّ الحوائج إليه فليصِلْ آل محمَّد وشيعتَهُم بأحوجِ ما يكون إليه من ماله)(6).
وقد يطرأ السؤال التالي كيف نوصل هديتنا للإمام الغائب المحجوب عنا (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟
والجواب عليه أنه ينبغي أن يصرف المال المُهدَى إليه (عجل الله تعالى فرجه الشريف) في ما يحرز فيه رضاه، كأن ينفق في المجالس التي تحيي ذكره أو يطبع به الكتب التي تعرف الناس إليه، وتقربهم منه، أو يعطى لمواليه بعنوان الهدية عنه (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) آل عمران/٩٢.
(2) المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار - مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة - ج ٩٣ ص ٢١٦.
(3) الرعد/٢١.
(4) المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار - مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة - ج ٩٣ ص ٢١٦.
(5) المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار - مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة - ج ٩٣ ص ٢١٥.
(6) المجلسي - محمد باقر - بحار الأنوار - مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصححة - ج ٩٣ ص ٢١٦.
المصدر : ١٨ وظيفة في زمن الغيبة ـ سلسلة بين يدي القائم (عجل الله فرجه الشريف) ـ إعداد ونشر: مركز نون للتأليف والترجمة.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة