لماذا خلق الله السفياني مع علمه بعداوته للإمام المهدي (عج) ؟

, منذ 1 سنة 693 مشاهدة

أكدت كثير من الروايات على أن خروج السفياني من العلامات الحتمية لظهور الإمام المهدي (عليه السلام)، ففي الكافي للكليني بسنده إلى عمر بن حنظلة قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: (خمس علامات قبل قيام القائم، الصيحة، والسفياني، والخسف، وقتل النفس الزكية، واليماني، فقلت جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه قال لا)، وفي رواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إن من الأمور أموراً موقوفة وأموراً محتومة، وإن السفياني من المحتوم الذي لابد منه).

وكذلك رواية حمران بن أعين انه قال للإمام أبي جعفر الباقر عليه السلام: (إني لأرجو أن يكون أجل السفياني من الموقوف فقال أبو جعفر عليه السلام: لا والله إنه لمن المحتوم) وبحسب هذه الروايات فإن ظهور المهدي عجل الله تعالى فرجه لن يكون إلا بظهور السفياني.

وقد فصلت روايات أخرى اسمه ونسبه واوصافه الجسمانية وحركة سيره والحروب التي يقوم بها ومدة حكمة في بلاد الشام ونهايته المحتومة بخسفه هو وجيشه في البيداء

وأما وقت خروجه المشؤوم فهو شهر رجب كما في بعض الروايات، فعن المعلى بن خنيس، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: (إن أمر السفياني من الأمر المحتوم وخروجه في رجب) وصرحت روايات أخرى بأن خروج السفياني في نفس السنة التي يخرج فيها الإمام المهدي (عليه السلام)، فعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام أنه قال: (السفياني والقائم في سنة واحدة)

ومما لا شك فيه أن جميع هذه الروايات أخبرت عن أمر سيقع حتماً في المستقبل، ويبدو أن إشكال السائل نشاء بسبب لسان بعض الروايات التي وصفت خروج السفياني بالوعد الإلهي الذي لا يمكن أن يتخلف، مثل رواية الإمام علي بن الحسين عليهما السلام التي جاء فيها: (إن أمر القائم حتم من الله، وأمر السفياني حتم من الله، ولا يكون قائم إلا بسفياني).

ومن الواضح أن الإشكال يرتكز على تفسير خاطئ لعلم الله بما هو كائن، فمن الطبيعي أن يقع الإنسان في حيرة إذا تصور أن القول بأن الله عالم بما يفعله السفياني، مساوي للقول إن الله أراد ما يفعله السفياني، وبعبارة أخرى أن الفعل صدر عن السفياني بإرادة الله وليس بإرادة السفياني، ومن يتصور ذلك لابد أن يشكل عليه كيف يحاسبه الله على فعل كان هو يريده؟

وعليه فإن الداعي لهذا الإشكال هو تفسير العلم بالإرادة وهو تفسير خاطئ بالضرورة، فمثلاً إذا أخبرنا الله عن طريق أوليائه بأن يزيد عليه اللعنة سوف يقتل الإمام الحسين (عليه السلام) في المستقبل، فهل هذا يعني أن يزيد غير مسؤولة عن هذه الجريمة؟  مما لا شك فيه أن العلم المسبق بوقوع حدث ما لا ينزع إرادة الإنسان المباشر لفعل ذلك الحدث، بل يظل الإنسان هو المسؤول طالما أختار هو الفعل بمحض إرادته ولم يجبره الله عليه، ولو كان الأمر غير ذلك لما توقف الإشكال عند روايات السفياني وإنما كان الإشكال يشمل جميع أفعال الإنسان؛ وذلك لأن الله عالم بأفعال جميع العباد قبل حدوثها، ولا فرق بين أن يخبرنا الله عن طريق أوليائه بذلك العلم أو يحتفظ به لنفسه، ففي كلا الحالتين علم الله سابق لما هو كائن، وعليه لابد أن نفرق بين علم الله بما هو كائن وبين إرادة الله لما هو كائن، ففي روايات السفياني هناك إخبار وعلم مسبق بما يفعله السفياني وليس هناك إرادة لما يفعله.

وعليه فإن الإشكال يقوم على أن العلم المسبق هو المسؤول والمتحكم بمجريات ما يحدث فعلاً، وهذا خلط بين العلم والإرادة، فالعلم كشف عن الواقع بينما الإرادة هي المسؤولة عن ايجاد الواقع، فمثلاً الإنسان يعلم بأن البذرة إذا وضعت في الأرض تصبح شجرة إلا أن علم الإنسان لم يكن هو المسؤول عن تحويل تلك البذرة إلى شجرة، ولكي يكون الإشكال حقيقي يجب أن يكون على هذا النحو، لماذا أراد الله أن يكون السفياني بهذا الضلال والظلم والتعدي؟ وحينها تكون الإجابة إن الله لم يرد ذلك منه ولكنه كان يعلم بضلاله وظلمه وتعديه، والفرق كبير بين الأمرين، فالسفياني مسؤول عن فعله ومحاسب عليه طالما لم يجبره الله عليه ولم يصادر إرادته واختياره.

وفي المحصلة لابد أن نؤكد على أن فعل الإنسان في هذه الدنيا متعلق بإرادته، وبالتالي هو المسؤول عن كل ما يصدر منه إن كان خيراً يثاب عليه وإن كان شر يحاسب عليه، أما علم الله المسبق بما يفعله الإنسان فلا علاقة له بنفس حدوث الفعل من الإنسان، فكون الله عالم به لا يعني أن الله هو الذي يفعله نيابة عن الإنسان.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.1236 Seconds