أول خطبة للإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) في أي مكان ؟

, منذ 7 شهر 1K مشاهدة

هذا الأمر وهذه النظريَّة هي ما يذكره الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه) حين يظهر في مكَّة المكرَّمة في أوَّل خطاب سياسي له.

أنا أقرأ لكم الآن رواية حتَّى تعرفوا لماذا هذا التأكيد:

الرواية تقول عن الإمام الباقر (عليه السلام): «والقائم يومئذٍ بمكَّة عند الكعبة مستجيراً بها يقول: أنا وليُّ الله، أنا أولى بالله وبمحمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فمن حاجَّني في آدم فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجَّني في نوح فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجَّني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجَّني في محمّد فأنا أولى الناس بمحمّد، ومن حاجَّني في النبيِّين فأنا أولى الناس بالنبيِّين، إنَّ الله تعالى يقول: ﴿إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [آل عمران: ٣٣ و٣٤]، فأنا بقيَّة آدم، وخيرة نوح، ومصطفى إبراهيم، وصفوة محمّد. ألَا ومن حاجَّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ألَا ومن حاجَّني في سُنَّة رسول الله فأنا أولى الناس بسُنَّة رسول الله وسيرته، وأُنشد الله من سمع كلامي لمَّا يُبلِّغ الشاهد الغائب.

فيجمع الله له أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، فيجمعهم الله على غير ميعاد قزع كقزع الخريف»، ثمّ تلا هذه الآية: «﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً﴾ [البقرة: ١٤٨]، فيبايعونه بين الركن والمقام، ومعه عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد تواترت عليه الآباء، فإنْ أشكل عليهم من ذلك شيء فإنَّ الصوت من السماء لا يشكل عليهم إذا نودي باسمه واسم أبيه»(1).

لاحظوا استعراضاً لطيفاً وملفتاً للنظر.

الإمام (عليه السلام) يريد أنْ يقول: إنَّ ثورتي وحركتي هي حركة آدم، هي حركة نوح، هي حركة إبراهيم، هي حركة موسى، هي حركة عيسى، هي حركة رسول الله، هي حركة الأنبياء، هي حركة عليٍّ، هي حركة الحسين، أنتم بماذا تُحاجُّونني؟ أنا أولى بكم من ذلك، أنتم بماذا تتقدمون عليَّ؟ أنا بالحقيقة خلاصة تلك التجربة المدرسيَّة، خلاصة هؤلاء الأساتذة في الجامعة البشريَّة، أنا أُمثِّل خلاصتهم.

هذا المعنى أنتم تقرؤونه في زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) ولكن قد لا ينتبه الإنسان إليه: «السَّلامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ آدَمَ صَفْوَةِ اللهِ، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ نُوحٍ نَبِيِّ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُوسى كَلِيمِ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ عِيسى رُوحِ الله، السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَارِثَ مُحَمَّدٍ حَبِيبِ الله...»(2).

هذا الاستعراض يريد أنْ يقول شيئاً، يريد أنْ يقول: إنَّ الإمام المنتظر المهدي (عجَّل الله فرجه) يُمثِّل آخر أُستاذ في هذه الجامعة البشريَّة التي شارك في تربيتها الأنبياء (عليهم السلام)، نبيًّا بعد نبيٍّ، الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه) يُمثِّل آخر أُستاذ في حلقة هذه البشريَّة، وهذا معنى عظيم جدًّا.

أنتم الآن بعد ألف وأربعمائة سنة أو أكثر من ذلك من بعثة النبيِّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وبعد ألفي سنة من نبوَّة عيسى (عليه السلام)، وبعد ألفين وخمسمائة سنة من نبوَّة موسى (عليه السلام)، لكن أنتم الآن تستشعرون أنَّكم طُلَّاب في نفس الصفِّ وفي نفس المدرسة التي شارك بها موسى وعيسى وإبراهيم ونوح وآدم (عليهم السلام)، أبداً لا يوجد فرق كما لو كانوا موجودين بيننا.

والقرآن هو حصيلة المناهج الدراسيَّة لأُولئك الأنبياء (عليهم السلام)، هو قمَّة تلك المناهج الدراسيَّة، ولهذا فإنَّ الإمام المنتظر (عجَّل الله فرجه) أوَّل ما يظهر يقول للناس: أيُّها الناس من أراد أنْ يحاجَّني بآدم فأنا أولى بآدم، وبنوح كذلك، وبإبراهيم كذلك، وبموسى كذلك.

هذه أوَّل خطبة لإمامنا المنتظر (عجَّل الله فرجه).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار (ج ٥٢/ ص ٣٠٥ و٣٠٦/ ح ٧٨)، عن سرور أهل الإيمان للنيلي (ص ٨٨ - ٩٠).

(2) مفاتيح الجنان (ص ٦١٣/ زيارة الوارث).

المصدر : الحركة الإصلاحيّة من الحسين (عليه السلام) إلى المهدي (عليه السلام)

مائة سؤال وجواب حول الإمام المهدي (عجَّل الله فرجه)

تأليف: السيد صدر الدين القبانچي

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0557 Seconds