أكد النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (عليهم السلام) من بعده على أن يجتهد المؤمن لتحصيل المقدمات التي توصله الى تحقيق غاية السماء بأن يكون مؤمن ملتزم بتعاليمها ومهيئ لأن يكون من أنصار الحجة المدخر من قبل السماء لنشر الحق والعدل والمساواة بين الناس وهذه التعاليم التي لابد للمؤمن من التحلي بها لينال شرف الانتماء لجيش الإمام المهدي القائم بالحق ونصرته لينشر ذلك العدل المنشود فقد بين لنا النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) تلك التعاليم في حديثهم فقد وردت روايات كثير في بيان ما يوصلنا لذلك النيل المعهود وهو أن نكون من جد الإمام وانهاره.
محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال حدثنا محمد بن إسماعيل البرمكي عن علي بن عثمان عن محمد بن الفرات عن ثابت بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن علي بن أبي طالب (عليه السلام) إمام أمتي و خليفتي عليها من بعدي و من ولده القائم المنتظر الذي يملأ الله به الأرض عدلا و قسطا كما ملئت جورا و ظلما و الذي بعثني بالحق بشيرا إن الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر فقام إليه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال يا رسول الله و للقائم من ولدك غيبة قال إي و ربي و ليمحص الله الذين امنوا و يمحق الكافرين يا جابر إن هذا الأمر أمر من أمر الله و سر من سر الله مطوي عن عباد الله فإياك و الشك فيه فإن الشك في أمر الله عز و جل كفر (1).
وعن علي بن الحسين عليه السلام قال: (تمتد الغيبة بولي الله الثاني عشر من أوصياء رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمّة بعده, يا أبا خالد إن أهل زمان غيبته, القائلون بإمامته المنتظرون لظهوره أفضل أهل كل زمان لأن الله تعالى أعطاهم من العقول والأفهام والمعرفة ما صارت به الغيبة عندهم بمنزلة المشاهدة وجعلهم في ذلك الزمان بمنزلة المجاهدين بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالسيف أولئك المخلصون حقاً وشيعتنا صدقاً والدعاة إلى دين الله سراً وجهراً) (2).
وما يلازم هذا الانتظار لابد من امتثال ما جاء في كلامهم (عليهم السلام) من دلائل وارشادات.
فعن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال ذات يوم: ألا اخبركم بما لا يقبل الله عزوجل من العباد عملا إلا به ؟ فقلت: بلي فقال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله والاقرار بما أمر الله والولاية لنا والبراءة من أعدائنا، يعنى أئمة خاصة والسليم لهم والورع والاجتهاد والطمأنينة والانتظار للقائم ثم قال: إن لا دولة يحيى الله بها إذا شاء ثم قال: من سره أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق، وهـو منـظـره فان مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدوا وانظروا هنيئا لكم أبنها العصابة المرحومة (3).
وروي عن سدير أنه قال: قال لي أبوعبدالله عليه السلام: يا سدير ألزم بيتك وكن حلسا مـن أحلاسه واسكن ما سكن الليل والنهار فاذا بلغك أن السفياني قد خرج فارحل إلينـا ولـو على رجلك (4).
وعن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبدالله عليه السلام عـر ول الله تبارك و تعالى: (يوم ندعو كل اناس بإمامهم) فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فانك إذا عرفت إمامك لم يضرك، تقدم هذا الامر أو تأخر، ومن عرف إمامه ثم مات قبل ان يقـوم صـاحـب هـذا الامر كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحـت لـوائـه قـال: وقـال بعض أصحابه: بمنزلة من استشهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله (5).
وروى السندي عن جده أنه قال: قلت لابي عبدالله عليه السلام ما تقول فيمن مـات عـلـي هذا الامر منتظرا له ؟ قال: هو بمنزلة من كان مع القائم في فسطاطه ثم سكت هنيئة ثم قال: هو كمن كان مع رسول الله صلي الله عليه واله (6).
وعن عبدالله ابن سنان قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: ستصيبكم شبهة فتبقون بلا علم يرى ولا إمام هدى لا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الفريق قلت: وكيف دعاء الفريق ؟ قال: تقول: يا الله يا رحمان يا رحيم، يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك، فقلت: يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك، فقال: إن الله عزو جل مقلب القلوب والابصار ولكن قل كما أقول: يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي دينك (7).
وقال ابوعبدالله عليه السلام: إن لصاحب هذا(8) أنه ثم قال: يا زرارة: وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته منهم من يقول مات أبوه ولم يخلف و منهم من يقول هو حمل ومنهم من يقول هو غائب ومنهم من يقول: ما ولد ومنهم من يقول؛ قد ولد قبل وفاة أبيه بسنتين، وهو المنتظر غير أن الله تبارك وتعالى يجب أن يمنحن الشيعة فعند ذلك يرتـاب المطلون، قال زرارة: فقلت جعلت فداك، فإن أدركت ذلك الزمان فأي شيء أعمل ؟ قال: يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان، فالزم هذا الدعاء، اللهم عرفني نفـسك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتـك اللهم عرفني حجتك إن لم تعرفي حجنك ضللت عن ديني، ثم قال: يا زرارة لابد من قتل غلام بالمدينة، قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟ قال: لا، ولكـن يقتلـه جيش بني فلان يخرج حتى يدخل المدينة، فلا يدري الناس في أي شيء دخل فيأخذ الغلام فاذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم الله عزوجل، فعند ذلك فتوقعوا الفرج (9).
روي عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فيا طوبى للثابتين علي أمرنا في ذلك الزمان إن أدنى ما يكون لهـم مـن الثـواب أن يناديهم الباري عزوجل: عبادي آمنتم بسرى، وصدقتم بغيبي، فأبشروا بحسن الثواب منى فأنتم عبادي وإمائي حقا، منكم أتقبل وعنكم أعفو، ولكم أغفر وبكم أسقى عبادي الغيـث. وأدفع عنهم البلاء، ولولاكم لأنزلت عليهم عذابي، قال جابر: فقلت: يا ابن رسول الله فما أفضل ما يستعمله المؤمن في ذلك الزمان ؟ قال: حفظ اللسان ولزوم البيتي(10).
وعن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام بقـول انـوا الله واستعينوا على ما أنتم عليه بالورع، والاجتهاد في طاعة الله وإن أشد ما يكون أحدكم اغتباطا بما هو فيه من الدين لوقد صار في حد الآخرة، وانقطعت الدنيا علي صار في ذلك الحمد عرف أنه قد استقبل التنعيم والكرامة من الله، والبشري بالجنة، وأمن ممن كان يخاف، وأيقن أن الذي كان عليه هو الحق وأن من خالف دينه على باطل، وأنه هالك. فأبشروا ثم أبشروا ! ما الذي تريدون ؟ ألستم ترون أعداءكم يقتلون في معاصي الله، ويقتل بعضهم بعضا على الدنيا دونكم، وأنتم في بيوتكم آمنين في عزلة عنهم، وكفي بالسفياني نقمة لكم من عدوكم، وهو من العلامات لكم، مع أن الفاسق لوقد خرج لمكثتم شهرا أو شهرين بعد خروجه لم يكن عليكم منه بأس حتى يقتل خلقا كثيرا دونكم. فقال له بعض أصحابه: فكيـف تـصنع بالميال إذا كان ذلك ؟ قال: يتغيب الرجال منكم عنه فان خيفته وشـرته فإنما هـي علـي شيعتنا فأما النساء فليس عليهن بأس إنشاء الله تعالى قيل: إلى أين يخرج الرجال ويهربون منه ؟ فقال: من أراد أن يخرج منهم إلى المدينة أو إلى مكة أو إلى بعض البلدان ثم قـال: ما تصنعون بالمدينة وإنما يقصد جيش الفاسق إليها، ولكن عليكم بمكة فإنها مجمعكم وإنما فته حمل امرأة تسعة أشهر ولا يجوزها إنشاء الله (11).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(۱) كمال الدين، ج1، ص287.
(۲)بحار الانوار، ج52، ص۱۲2.
(3) نفس المصدر، ج54، ص۱۲۰.
(4) الكافي، ج8، ص۲45.
(5) الكافي، ج۱، ص۳۱۷.
(6) اكمال الدين، ج2، ص372.
(7) نفس المصدر، 352.
(8) الإمامة والتبصرة، 127.
(9) الكافي، ج۱، ص۳3۷.
(10) اكمال الدين، ج1، ص330.
(11) غيبة النعماني، 300.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة