هل هناك أئمة بعد الإمام المهدي (عجل الله فرجه) ؟

, منذ 1 سنة 322 مشاهدة

إنَّ روايات أهل البيت (عليهم السلام) هي البيان الواضح والقول الفصل في كلِّ قضيَّة، فهم أهل الهدى الذين قولهم فصل وحكمهم عدل وكلامهم نور، ولا شكَّ بأنَّ بيانهم حجة وقولهم قاطع لكل شبهة، وقد نازع أحد رؤوس الضلال في هذا الزمان الأمرَ أهله فادَّعى الإمامة والعصمة، وطار أتباعُه في الآفاق يتصيّدون المستضعفين في دينهم ليخدعوهم بالأحلام والاستخارات وما شابه ذلك في مسائل هي من أصول الدين، فرأيتُ أن أقدم للمؤمنين هذه الرسالة المشتملة على أربعين حديثاً من كلام أهل البيت (عليهم السلام) في نفي الاعتقاد بإمامة غير الاثني عشر (عليهم السلام) وأنَّ القائم (عليه السلام) هو خاتم الأوصياء وآخرهم وليس بعده أحد، وهذا ما نطقت الروايات الشريفة المروية في كتب علمائنا الأبرار (رضوان الله عليهم).

وفي هذا البحث نجاري دجال البصرة وحزبه على إنكارهم لعلم الرّجال والتقليد وغير ذلك حيث إنهم يأمرون الناس بترك تقليد العلماء والأخذ مباشرةً من الروايات، ونحن نسلك المنهج المرضي عندهم إقامة للحجة وقطعاً للأعذار فإن قبلوا فهم ملزمون بهذه الروايات جميعاً، وإن رفضوا عدنا إلى البحث المعرفيِّ والرجاليِّ ليُنقَضَ أصلُ دعوتهم القائمة على بعض الروايات الضعيفة والشاذَّة، فهم لم ينكروا جملةً من العلوم إلاَّ لأنها تضع كثيراً من العقبات أمامهم في بث دعوتهم. إنَّ دجال البصرة وأتباعه يحثون الناسَ على ترك التقليد واتِّباع المعصومين (عليهم السلام) وبغض النظر عن هذه المغالطة، فإننا نقول لهم: إننا جئنا لنقلد المعصومين (عليهم السلام) ونظرنا في حال ادّعاءات هذا الرجل فرأينا أنَّ أقوالهم (عليهم السلام) قد ناقضت كل الدعاوى المخالفة لمذهب الإماميّة التي صدرت منه فلم يسعنا إلا التسليم والقبول من أئمة الهدى من آل محمد (عليهم السلام) والرد على من خالفهم.

وقد ألحقتُ الرسالةَ بملحقٍ مختصر فيه أقوال بعض علمائنا المتقدمين والمتأخرين للتأكيد على هذا المعنى وإظهاراً لوضوحه عند علمائنا (رضوان الله عليهم) منذ القرون المتقدمة وحتى القرون المتأخرة، والله الموفق لسبيل الهداية، إنَّه الهادي إلى الصراط المستقيم.

الحديث الأوَّل:

روى الشيخ الصدوق في (كمال الدين وتمام النعمة)(١): (حدثنا أبو طالب المظفر بن جعفر بن المظفر بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، قال: حدثنا أبو النضر محمد بن مسعود، قال: حدثنا آدم بن محمد البلخي، قال: حدثنا علي بن الحسن الدقاق، عن إبراهيم بن محمد العلوي، قال: حدثني طريف أبو نصر، قال: دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام)، فقال: علي بالصندل الأحمر. فأتيته به، ثم قال: أتعرفني؟ قلت: نعم. فقال: من أنا؟ فقلت: أنت سيدي وابن سيدي. فقال: ليس عن هذا سألتك. قال طريف: فقلت: جعلني الله فداك، فبين لي. قال: أنا خاتم الأوصياء، وبي يدفع الله عز وجل البلاء عن أهلي وشيعتي).

قلت: قوله (عليه السلام) (أنا خاتم الأوصياء) صريحٌ في نفي الوصية لأحدٍ في زمنه أو بعده، وهو في قطعيّته دلالةً على هذا المعنى كالقول بأنَّ محمداً (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو خاتم النبيين، قال تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ).

الحديث الثاني:

روى الشيخ الكليني في (الكافي)(٢): (أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد الخزاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الأمر؟ فقال: لا. فقلت: فولدك؟ فقال: لا. فقلت: فولد ولدك هو؟ قال: لا. فقلت: فولد ولد ولدك؟ فقال: لا. قلت: من هو؟ قال: الذي يملأها عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، على فترة من الأئمة، كما أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعث على فترة من الرسل).

قلت: قوله (على فترة من الأئمة) يعني أن الزمن الفاصل بين غيبته وظهوره خالٍ من الأئمة كما كان رسول الله مبعوثاً على فترة من الرسل، فكانت المدة الزمنية بينه وبين عيسى (عليه السلام) خاليةً من الرسل، وبهذا لا وجود لأئمة آخرين في زمن الغيبة.

الحديث الثالث:

روى الشيخ الصدوق بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام)(٣): (فأنزل الله تبارك وتعالى ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ فكبَّر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وقال: الله أكبر بتمام النعمة وكمال نبوتي ودين الله عز وجل وولاية علي بعدي. فقام أبو بكر وعمر فقالا: يا رسول الله هذه الآيات خاصة لعلي؟ قال: بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة. قالا: يا رسول الله بينهم لنا. قال: علي أخي ووزيري ووارثي ووصيي وخليفتي في أمتي وولي كل مؤمن بعدي، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين ثم تسعة من ولد الحسين واحد بعد واحد... إلخ).

قلت: سؤال أبي بكر وعمر كان عن اختصاص الولاية بأمير المؤمنين (عليه السلام) فكان الجواب بالتصريح بأنَّ الولاية له ولأبنائه الحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين (صلوات الله عليهم) فمن زاد على هذا الاختصاص فقد خالف نصَّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

وفي نفس الرواية أيضاً: (فقالت أم سلمة: وأنا يا رسول الله؟ فقال: أنتِ على خير، إنما أنزلت فيَّ وفي أخي علي وفي ابنيَّ الحسن والحسين وفي تسعة من ولد ابني الحسين خاصة ليس معنا فيها أحد غيرنا) ودلالة آية التطهير على عصمة من نزلت فيهم ظاهرةٌ بيِّنة، وفي الرواية إخراجٌ لغير المعصومين كأم سلمة (رضي الله عنها) وتخصيص للآية بالمعصومين الأربعة عشر (عليهم السلام) ولو كان هناك معصومٌ غيرهم لذكره النبي (عليهم السلام) ضمن المعصومين المشمولين بهذه الآية، ولو كان معصوم آخر غير المعصومين الأربعة عشر لم يصح إخراجه بهذا التخصيص وإلا فهو لغوٌ، ولذلك قال: (خاصَّة ليس معنا فيها أحدٌ غيرنا).

الحديث الرابع:

روى الشيخ النعماني بإسناده عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)(٤):

(أيها الناس، إن الله عز وجل أمركم في كتابه بالصلاة وقد بينتها لكم وسننتها لكم، والزكاة والصوم فبينتهما، وقد أمركم الله في كتابه بالولاية، وإني أشهدكم أيها الناس أنها خاصةٌ لهذا ولأوصيائي من ولدي وولده، أولهم ابني الحسن ثم الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين لا يفارقون الكتاب حتى يردوا علي الحوض).

قلت: قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (خاصةٌ لهذا ولأوصيائي من ولدي وولده..إلخ) دالٌ على حصر الولاية بأمير المؤمنين (عليه السلام) وأبنائه الأحد عشر (عليهم السلام) دون غيرهم، فلا يصح إدخال غيرهم في هذه الخصوصيَّة التي اختصَّهم الله بها.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(١) كمال الدين وتمام النعمة، ج٢، ص ٤٦٩، باب ١١: ذكر من شاهد القائم (عليه السلام) ورآه وكلمه، رقم الحديث ١٢.

(٢) الكافي، ج٢، ص ١٦١، كتاب الحجة، باب في الغيبة، رقم الحديث ٢١.

(٣) كمال الدين وتمام النعمة، ج١، ص٣٠٩، باب ٢٤: باب نص النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) على القائم (عليه السلام)، رقم الحديث ٢٥.

(٤) الغيبة، ص ٧٦.

المصدر:  الأربعون حديثاً فِي إِبْطَالِ إِمَامَةِ دَجَّالِ البَصْرَةِ وبذيله ملحقٌ يشتمل على كلمات العلماء الأعلام في عدم إثبات الإمامة لأحدٍ بعد الإمام الحُجَّة بن الحسن (عجَّل الله فرجه الشريف)، إبراهيم جواد.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0528 Seconds