وجوه الإختلاف بين الإمام المهدي المنتظر والمسيح

, منذ 4 سنة 2K مشاهدة

قال الشيخ محمد باقر الالهي القمي في كتابه الروض الفسيح في بيان الفوارق بين المهدي والمسيح

في ذكر طرفٍ من الوجوه الفارقة بين المهديّ المنتظر وبين المسيح بن مريم عليهما الصلاة والسلام

إعلم ـ رحمك الله ـ أنّ هذا الباب هو المقصود بالأصالة، والداعي إلى جمع هذه الرسالة، وأنّ ما تقدّم إنّما هو كالتمهيد له، فنقول وبالله نستعين:

قد مرّ عليك آنفاً قول العلاّمة السفاريني: إنّ الصواب الذي عليه أهل الحقّ أنّ المهديّ غير عيسى.

إذا تقرّر هذا فاعلم: أنّ المتأمِّل في الاَحاديث النبويّة، والآثار المرويّة تظهر له فروق شتّى بين خروج المهديّ المنتظر آخر الزمان، وبين المسيح عيسى بن مريم صلّى الله على نبيّنا وآله وعليه وسلّم.

1 ـ فمنها: ما ورد في الاَحاديث المستفيضة من كون المهديّ من هذه الاَُمّة، وأنّه من وُلْد فاطمة عليها الصلاة والسلام، وأنّه من ذرّيّة الحسين السبط الشهيد عليه السلام .

ولا ريب أنّ ابن مريم عليه السلام ليس من هذه الاَمّة المرحومة، بل هو من أنبياء بني إسرائيل، ولا هو من وُلْد فاطمة صلوات الله وسلامه عليه وعليها، بل هو ابن مريم العذراء، ليس له أبٌ فضلاً عن كونه من ذرّيّة الحسين عليه الصلاة والسلام، وهذا ممّا أطبق عليه بنو آدم أبد الآبدين، وهو من أعظم الفوارق وأبينها.

قال الشيخ عبد الحقّ الدهلوي في اللمعات: قد تضافرت الاَحاديث البالغة حدّ التواتر في كون المهديّ من أهل البيت من أولاد فاطمة. انتهى.

قلت:

ويدلّ على ذلك: ما أخرجه عبد الرزّاق في المصنَّف عن أبي سعيد الخدري، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلاءً يصيب هذه الاَمّة حتّى لا يجد الرجل ملجأً يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي من أهل بيتي فيملاَ به الاَرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً... الحديث[1].

وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد أيضاً، أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «يكون في أُمّتي المهديّ[2]».

وأخرج أيضاً عن عليّ عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «المهديّ منّا أهل البيت، يصلحه الله في ليلة[3]».

ورواه أحمد وابن أبي شيبة ونعيم بن حمّاد في الفتن[4].

2 ـ ومنها: افتراقهما ـ عليهما الصلاة والسلام ـ في الاسم والكنية واللقب فالمهديّ عليه السلام اسمه: (محمّد) وكنيته: (أبو القاسم) على المشهور.

وقيل: اسمه أحمد، وكنيته: أبو عبد الله، وليس بشيءٍ.

والمسيح بن مريم عليه السلام اسمه: (عيسى).

ولقب المهديّ: الحجّة، والمنتظر، والقائم، والموعود، وغير ذلك.

ولقب عيسى: المسيح، وروح الله، وكلمته.

وأخرج أحمد وأبو داود الترمذي عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لا تذهب الدنيا حتّى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».

قال الترمذيّ: حديث حسن صحيح.

3 ـ ومنها: أنّ مع المهديّ عليه الصلاة والسلام راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعلّمة ـ كما أخرجه نعيم بن حمّاد عن عبد الله بن شريك ـ مكتوب عليها: «البيعة لله» ـ كما أخرجه نعيم عن ابن سيرين ـ وكذلك أشياء أُخر.

فقد أخرج نعيم بن حمّاد أيضاً عن أبي جعفر عليه السلام ، قال: يظهر المهديّ بمكّة عند العشاء، ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقميصه، وسيفه، وعلامات، ونور، وبيان... إلى آخره[5].

وقد جاء في أحاديث أنّ صاحب راية المهديّ رجل يقال له: «شعيب بن صالح التميمي».

وظاهرٌ أنّه ليس لعيسى عليه السلام شيءٌ من ذلك.

4 ـ ومنها: ما رواه الحفّاظ من أنّ عدد أصحاب المهديّ عليه الصلاة والسلام عدّة أهل بدر.

أخرج الطبرانيّ في المعجم الاَوسط والحاكم عن أُمّ سلمة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «يُبايِعُ لرجل بين الركن والمقام عدّةُ أهل بدر..» الحديث[6].

ومعلومٌ أنّ عيسى بن مريم عليهما السلام لا ينزل من السماء بهذا العدد، ولا تجتمع معه تلك العِدّة، بل ينزل بعد خروج المهديّ عليه الصلاة والسلام متَّبعاً إيّاه.

5 ـ ومنها: ما تواتر من خروج الدجّال والسفياني قبل ظهور المهديّ المنتظر عليه السلام، وما ورد من خروج القحطانيّ بعده.

6 ـ ومنها: مساعدة عيسى على قتل الدجّال بباب (لُدّ) كما صرّح به

7 ـ ومنها: أنّ عيسى بن مريم عليه السلام يقتدي بالمهديّ عليه السلام في الصلاة، فيكون المهديّ إماماً وعيسى مأموماً.

قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: تواترت الاَخبار بأنّ المهديّ من هذه الاَمّة، وأنّ عيسى بن مريم سينزل ويصلّي خلفه[7].

ويدلّ على ذلك أيضاً:

ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم؟[8]».

وأخرج أبو نعيم، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «منّا الذي يصلّي عيسى بن مريم خلفه[9]».


[1] المصنّف 11|371 ـ 372 ح 20770.

[2] سنن ابن ماجة 2|1366 ح 4083.

[3] سنن ابن ماجة 2|1367 ح 4085.

[4] الفتن: 254 ح 996، مسند أحمد بن حنبل 1|84، المصنّف لابن أبي شيبة 15|197 ح 19490.

[5] كتاب الفتن: 213، العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي 0للفتاوي 2|71.

[6] المعجم الاَوسط 9|288 ح 9459، المستدرك على الصحيحين 4|431.

[7] فتح الباري 6|611 باب نزول عيسى بن مريم عليهما السلام.

[8] صحيح البخاريّ 4|325 ح 245.

[9] العرف الوردي في أخبار المهدي، المطبوع ضمن الحاوي للفتاوي 2|64.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0557 Seconds