إنَّ قضيَّة الإمام المهدي (عليه السلام) تشابه قضايا الأنبياء السابقين (عليهم السلام) كما دلَّت عليه الأخبار، وأحد أوجه التشابه بينه وبينهم هو الغيبة والاستتار عن الأنظار والأبصار، ووجه التشابه يردع تشكيكات المشكِّكين بغيبته (عليه السلام)، سواء كان بداعي الغرابة أو عدم الهداية، فإنَّ ما يرد من نقض على غيبة الإمام يرد على غيبة الأنبياء والصالحين في السنن الماضية، فبعد إثبات أنَّ هذه السنن جرت في حقِّ الأنبياء والصالحين فلا غرابة إذا ثبتت عن الإمام المهدي (عليه السلام).
الروايات الدالّة على شبهه (عليه السلام) بأنبياء الله (عليهم السلام):
الرواية الأُولى: عن سعيد بن جبير، قال: سمعت سيِّد العابدين عليَّ بن الحسين (عليه السلام) يقول: «في القائم منّا سنن من الأنبياء: سُنَّة من أبينا آدم (عليه السلام)، وسُنَّة من نوح، وسُنَّة من إبراهيم، وسُنَّة من موسى، وسُنَّة من عيسى، وسُنَّة من أيّوب، وسُنَّة من محمّد صلوات الله عليهم.
فأمَّا من آدم ونوح فطول العمر، وأمَّا من إبراهيم فخفاء الولادة واعتزال الناس، وأمَّا من موسى فالخوف والغيبة، وأمَّا من عيسى فاختلاف الناس فيه، وأمَّا من أيّوب فالفرج بعد البلوى، وأمَّا من محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) فالخروج بالسيف»(1).
الرواية الثانية: عن محمّد بن مسلم الثقفي الطحّان، قال: دخلت على أبي جعفر محمّد بن عليٍّ الباقر (عليه السلام) وأنا أُريد أن أسأله عن القائم من آل محمّد صلّى عليه وعليهم، فقال لي مبتدئاً: «يا محمّد بن مسلم، إنَّ في القائم من آل محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلم) شبهاً من خمسة من الرسل: يونس بن متّى، ويوسف بن يعقوب، وموسى، وعيسى، ومحمّد صلوات الله عليهم.
فأمَّا شبهه من يونس بن متّى، فرجوعه من غيبته وهو شابٌّ بعد كبر السنِّ.
وأمَّا شبهه من يوسف بن يعقوب (عليه السلام)، فالغيبة من خاصَّته وعامَّته، واختفاؤه من إخوته وإشكال أمره على أبيه يعقوب (عليه السلام) مع قرب المسافة بينه وبين أبيه وأهله وشيعته.
وأمَّا شبهه من موسى (عليه السلام)، فدوام خوفه، وطول غيبته، وخفاء ولادته، وتعب شيعته من بعده ممَّا لقوا من الأذى والهوان إلى أن أذن الله (عزَّ وجلَّ) في ظهوره ونصره وأيَّده على عدوِّه.
وأمَّا شبهه من عيسى (عليه السلام)، فاختلاف من اختلف فيه حتَّى قالت طائفة منهم: ما وُلِدَ، وقالت طائفة: مات، وقالت طائفة: قُتِلَ وصُلِبَ.
وأمَّا شبهه من جدِّه المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلم)، فخروجه بالسيف، وقتله أعداء الله وأعداء رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلم)، والجبّارين والطواغيت، وأنَّه يُنصَر بالسيف والرعب، وأنَّه لا ترد له راية.
وإنَّ من علامات خروجه: خروج السفياني من الشام، وخروج اليماني من اليمن، وصيحة من السماء في شهر رمضان، ومنادٍ ينادي من السماء باسمه واسم أبيه»(2).
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كمال الدين: ٣٢١ و٣٢٢/ باب ٣١/ ح ٣.
(2) كمال الدين: ٣٢٧ و٣٢٨/ باب ٣٢/ ح ٧.
المصدر : معالم مهدوية ـ تأليف : الشيخ نزار آل سنبل القطيفي.
موقع ديني مختص في مسائل الإمام المهدي (عج) تابع لشعبة البحوث والدراسات - ق. الشؤون الدينية - الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة