هل هناك أشخاص من الشيعة يلتقون بالإمام المهدي (عليه السلام) في الغيبة الكبرى ؟

, منذ 1 سنة 747 مشاهدة

يقول علم الهدى السيد المرتضى - أعلى الله مقامه : « إنا غير قاطعين على أن الإمام لا يصل إليه أحد ولا يلقاه بشر ، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلى القطع عليه »(1).

ثم يضيف « فإن قيل ؛ إذا كانت العلة في استتار الإمام وخوفه من الظالمين وإتقائه من المعاندين فهذه العلة زائلة في أوليائه وشيعته ، فيجب أن يكون ظاهراً لهم أو يجب أن يكون التكليف الذي أوجب إمامته لطفا فيه ساقطاً . ان يكلفوا بما فيه لطف ثم يحرموه بجناية غيرهم ) ( الجواب) إنه غير ممتنع أن يكون الإمام (عليه السلام)، يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته من أسباب الخوف فإن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه وإنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه ولا سبيل له إلى العلم بحال غيره » (٢).

أما الشيخ الطوسي - رضوان الله عليه ـ فيُناقش الموضوع لأنه لا يجوز عنهم لقاء شاء من من مناقشة لطيفة حينما يثير التساؤل التالي « الأعداء إن حالوا بينه وبين الظهور على وجه التصرف والتدبير فلم يحولوا بينه وبين أوليائه على سبيل الإختصاص ، وهو يعتقد طاعته ويفترض اتباع أوامره ويحكمه في نفسه ؟ ، يجيب عنه بالتعرض لاحتمالات عديدة ينتهي بعدها إلى القول : إن الذي يجب أن يجاب به عن السؤال الذي ذكرناه في علة الإستثار عن أوليائه : أنه لا يجب القطع على استتاره عن جميع أوليائه » (3).

كما أن للشيخ الطوسي - رضوان الله عليه - تصريح آخر في رسالة الغيبة أهم وأكثر وضوحاً مما ورد أعلاه حيث يقول : نحن نجوز أن يصل إليه كثير من أوليائه والقائلون بإمامته فينتفعون به » (4) وفي ذات رسالة الغيبة يصرّح في مكان آخر فيقول : لا نقطع على استتاره عن جميع أوليائه بل يجوز أن يبرز لأكثرهم ولا يعلم كل إنسان إلا حال نفسه » (5).

يقول كذا مقتدى العارفين والعالم العلم السيد بن طاووس - أعلى الله مقامه - وهو يخاطب ابنه في خصوص اللقاء بصاحب الأمر (عليه السلام) والطريق مفتوحة إلى إمامك (عليه السلام) لمن يريد الله جل شأنه عنايته به وتمام إحسانه إليه » (6).

ويقول أيضاً : ( وإذا كان (عليه السلام) غير ظاهر الآن لجميع شيعته فلا يمتنع أن يكون جماعة منهم يلقونه وينتفعون بمقاله وفعاله ويكتمونه كما جرى الأمر في جماعة من الأنبياء والأوصياء والملوك حيث غابوا عن كثير من الأمة لمصالح دينية أو دنيوية أوجبت ذلك (7).

المحقق الكبير الآخوند الخراساني ( قدس سره ) يقول في كفاية الأصول : .... قد مر ان مبنى دعوى الإجماع. غالباً . هو اعتقاد الملازمة عقلاً ، لقاعدة اللطف وهي باطلة ، أو إتفاقاً بحدس رأيه (عليه السلام) من فتوى جماعة وهي غالباً غير مسلمة ، وأما كون المبنى العلم بدخول الإمام (عليه السلام) بشخصه في الجماعة ، أو العلم برأيه للإطلاع بما يلازمه عادة من الفتاوى ، فقليل جداً في الإجماعات المتداولة في ألسنة الأصحاب ، كما لا يخفى . بل لا يكاد يتفق العلم بدخوله (عليه السلام) على نحو الإجمال في الجماعة في زمان الغيبة وإن احتمل تشرف بعض الأوحدي بخدمته ومعرفته أحياناً » (8).

 

المحقق المرحوم النائيني ( قدس سره ) يقول في هذا البحث أيضاً ضمن رده على المسلك الدخولي : ( وأما في زمان الغيبة فلا يكاد يحصل ذلك عادة ، نعم قد يتفق في زمان الغيبة للأوحدي التشرف بخدمته وأخذ الحكم منه (عليه السلام) » (9).

كذا فإنّ سيد فقهاء العصر ، حضرة آية الله العظمى الكلبايكاني دام ظلّه سُئِل : ماذا ينبغي العمل للتشرف بلقاء صاحب الأمر (عليه السلام)؟ فرد بالقول : ( إجمالاً لا يمكن تحديد سبيل تمكن أي أحد من التقاء الإمام (عليه السلام)، إلا أن العمل بالتكاليف الشرعية والسعي لنيل مرضاته وسروره (عليه السلام) والقيام بإداء بعض الأعمال كالإعتكاف لأربعين ليلة في مسجد السهلة أو غيره قد تؤدي إلى تشرف البعض برؤيته حسب ما تقتضي المصلحة (10).

وبناءاً على ما تقدم . فإن جميع هؤلاء العظماء من رؤساء الشيعة ومفاخر الأصحاب الإمامية يعتبرون موضوع تشرف بعض الأولياء بلقاء صاحب الأمر (عليه السلام) أمراً ممكناً تماماً.

ـــــــــــــــــــــــــــ

(۱) و (۲) تنزيه الأنبياء ، الشريف المرتضى ، ص ١٨٢ ، وص١٨٤.

(3) تلخيص الشافي ، الطوسي ، ج ٤ / ص ٢٢٢١ و ٢٢٢.

(4) كلمات المحققين ، ص ٥٣٣.

(5) جنة المأوى ( مطبوع مع البحار ) ج ٥٣ ص ٣٢٣.

(6) كشف المحجة - السيد ابن طاووس - ص ١٤٣ – ١٥٤.

(7) الطرائف - السيد ابن طاووس ، ص ١٨٥.

(8) كفاية الأصول ، ج2، ص ۲۲۹۱.

(9) فرائد الأصول، ج3، ص150.

(10) أحد دفاتر الاستفتاءات المخطوطة في مكتب سماحته.

المصدر: رعاية الإمام المهدي عليه السلام للمراجع والعلماء الأعلام، علي الجهرمي، ص15-18.

مواضيع قد تعجبك

Execution Time: 0.0506 Seconds